كتاب موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين (اسم الجزء: 2/ 1)

لا يتحقق معه حكمة، ولا يليق بالله تشريعها".
ليست تلك الصورة من قبيل الحيلة، ونحن لا نعرف، ولا صاحب المقال يعرف: أن الأحوال والحوادث لذلك العهد قد اقتضت شرع الكفارة، أما أن حالة من حلف أيوب - عليه السلام - على ضربه تقتضي رحمة، فهذه الرحمة ترجع إلى تقدير علام الغيوب، فإذا شرع ما يخفف عنه أمر الضرب، فذلك تقدير حكيم.
وتعلق صاحب المقال بعد هذا بأمر صغير هو: أنه وقف عند قولي: "فأرشد الله أيوب إلى وجه أخف"، وقال: "ولا يفوتني أن ألفت الكاتب هنا إلى أنه قد رجع من أن هذا كان تشريعاً إلى كونه إرشاداً، وتلك هي عبارتي أو في معناها".
ومن الواضح الجلي أن قولي: "فأرشد" بعد أن صرح قبل ذلك وبعده بأن ما كان من الله إنما هو تشريع، يفهم منه القارئ لأول نظرة: أن المراد: الإرشاد على وجه التشريع، فأين هذا من قوله: إنه دلالة على الحيلة، وتعليم للمراوغة؟.
ثم قال صاحب المقال: "على أنه إذا كان ما حلف عليه أيوب قد بلغ حدّ المشقة، فقد صار من باب: الضرورات، والضروراتُ تبيح المحظورات، ويجب أن يكون هذا التشريع غير خاص بالإِسلام؛ فإن عدالة الله ورحمته أزليتان، فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها، وإعفاء أيوب يكون على هذا الوجه غير تلك الصورة التي يجب أن يتنزه عن تشريعها رب العالمين".
قد يكون ما حلف أيوب - عليه السلام - ممكن التنفيذ، وليس هناك ضرورة من نوع الضرورات التي تبيح المحظورات، وإنما هناك حال اقتضى

الصفحة 242