كتاب موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين (اسم الجزء: 2/ 1)

تخفيفَ الحكم، وما يقتضي تخفيف حكم العقاب غيرُ ما يقتضي الإعفاء منه جملة.
ثم قال صاحب المقال في رده: "ولقد أتى الكاتب هنا بعبارة مجملة ملفوفة لا يفهم القارئ منها مراده، وهي قوله: "ومن الذي يستطيع أن ينكر أن الله قد يخفف بعض الواجبات المشتملة على مشقة، فيسقط بعضها، أو يقيم ما يشبهها من بعض الوجوه مقامها؟ ".
ثم كتب نحو صفحة تحدث فيها عن تخفيف بعض الواجبات، ولم يأت ولو بشبهة في رد هذا الذي قلته، فلنزد ما قلته بياناً، ثم نعرض عليك ماذا قال صاحب المقال في هذا المقام:
أما البيان، فذلك أن الله تعالى قد يخفف بعض الواجبات، فيسقط بعضها كما خفف عمن نذر التصدق بجميع ماله، فجعل الثلث مجزئاً عن الجميع، وقد يخفف بعض الواجبات، فيقيم ما يشبهها من بعض الوجوه مقامها, كما أقام التيمم مقام الوضوء، وكما أمر إبراهيم - عليه السلام - بذبح كبش مقام ذبح ابنه، وجعل ابن عباس قصة الذبيح موضع قياس، فأفتى فيمن نذر ذبح ابنه بذبح شاة، فشَرعْ الضرب بالضغث مكان الضرب بالسوط مئة مفرقة من قَبيل تخفيف الواجب بإقامة ما يشبهه من بعض الوجوه مقامه.
وأما حديث صاحب المقال، فإنه قسم تخفيف بعض الواجبات إلى نسخ، وإلى استثناء في أحوال مخصوصة، وخرج من هذا التقسيم: بأن الضرب بالضغث مكانَ الأسواط المفرقة لا يصح أن يكون من هذا القبيل، فقال: "ويجب أن يلتفت إلى أن إسقاط بعض الواجب نسخاً لا يكون إلا بعد تطور

الصفحة 243