كتاب موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين (اسم الجزء: 2/ 1)

به ذلك الواجب، أو يكون له تدخل بمباح؛ كالسفر في قصر الصلاة، على أن السفر قد يكون لطوارئ لا مدخل للمكلف فيها، بل تكون وليدة القدر البحت".
أخذ كاتب المقال في شروط الإسقاط: أن لا يكون للمكلف دخل في سببه الذي هو صعوبة القيام بالواجب، إلا أن يكون التدخل مباحًا, كالسفر في قصر الصلاة، وبنى على هذا: أن أيوب - عليه السلام - يكون بمقتضى قول المفسرين- قد تدخل في صعوبة الواجب تدخلًا غير مباح، فلا يستحق الرحمة بتخفيف الواجب عنه، فقال: "أما ما تزعمه الإسرائيليات - يعني: ما اتفق عليه المفسرون -، فمقتضاه أن أيوب - عليه السلام - هو الذي أراد أن يحمل نفسه هذه المشقة التي احتاجت إلى تلك الحيلة، واحتاجت إلى ذلك العبث الذي لا يعقل كونه تشريعاً عاماً، فإن كان التخفيف ليس عامًا، بل هو خاص بذلك الحادث، فقد قلنا: ما ضرورة هذا اللعب حينئذ؟ ".
نظر صاحب المقال فيما يقوله المفسرون نظرة مستعجلة، وكان من أثر هذا الاستعجال: أن صنع له مقتضيات لم تكن بينها وبينه صلة.
يقول المفسرون: إن أيوب - عليه السلام - حلف على أن يؤدب شخصاً قال أو فعل ما يستحق عليه التأديب، وما كان غضبه عند الحلف إلا لله، والنبي لا يؤدِّب إلا بحق، وليس في الحلف على الوعيد من إثم، فلم يتدخل أيوب - عليه السلام - في سبب الواجب الشاق من طريق محرم، فهو حقيق بالرحمة، وأهلٌ لأن يخفف عنه ما فيه مشقة.
وليس فيما شرعه الله من كفاية الضرب بالضغث من حيلة، ولا عبث،

الصفحة 245