كتاب موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين (اسم الجزء: 2/ 1)

تعالى: {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ} [ص: 44]، بمعنى: جادلهم بالرفق، ولما وصل إلى قوله تعالى: {إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا}، ووجد هذا الثناء البليغ ينقض قوله: إن أيوب كان في وهن من العزم، وضعف في الثقة، جعل الصبر راجعاً إلى احتماله الإعراض والاستهزاء، ومقابلتها بالتلويح بالأزهار والرياحين بعد أن أمر بذلك.
ومقتضى هذا التأويل: أن الصبر في قوله تعالى: {إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا} حصل بعد أن ظهر منه وهن العزم، وضعف الثقة، ولكن المفسرين يذهبون في وجه الربط إلى أن أيوب - عليه السلام - كان مفطوراً على الصبر من أول أمره، فلم يهن عزمه، ولم تضعف ثقته، ولم تعدم قوته على السير إلى الغاية، ومن كان على هذه الصفة، فهو أهل لهذا الثناء البليغ: {إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ} [ص: 44]، وأحقُ من رجل اصطفاه الله للرسالة، فظهر منه - كما يزعم صاحب المقال - وهنُ العزم، وضعف الثقة، وعدم القوة على السير إلى الغاية!.

الصفحة 252