كتاب موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين (اسم الجزء: 2/ 1)

اسم الإشارة إلى مرجع، ومن البين أن اسم الإشارة في الآية مستعمل في أمر يراه المتكلم والمخاطب، وهو الماء.
كتبنا هذا، وفي ظننا أن صاحب المقال إنما كتب ذلك الوجه من الرد غافلًا عن تفصيل الحكم في مرجع اسم الإشارة، وأنه سيمسك عن الخوض في هذا البحث، ولكنه كلف قلمه أن يكتب شيئاً يسميه: رداً على ما كتبناه، فقال:
"وإنا نقول لهذا الكاتب أولًا: إن القرآن إنما يحكي الجملة التي أوحى الله بها إلى أيوب، وأيوب - طبعاً - لم يركض برجله إلا بعد أن تلقَّى هذه الجملة، وساعةَ تلقيها لم يكن الماء موجوداً حتى يكون مشاهداً للمتكلم والمخاطب، فتكون الإشارة حينئذ إلى غائب مما يحتاج إلى مرجع في الكلام".
يقول المفسرون: إن قوله تعالى: {هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ} [ص: 42]، حكاية لما قيل لأيوب بعد امتثاله للأمر، ونبعِ الماء، أو مقول لقول مقدر معطوف على مقدر ينساق إليه الكلام؛ كأنه قيل: "فركض برجله، فنبعت عين، فقلنا له: {هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ} (¬1)، فاستبان من هذا أن المفسرين يصرحون بأن الإشارة في قوله تعالى: {هَذَا مُغْتَسَلٌ} وقعت بعد الركض بالرجل، ونبع الماء، ولم يبق إلا أن صاحب المقال لم ينصف المفسرين، إذ قام يحمل عليهم حملته، ولا يكلف نفسه النظر في عباراتهم بشيء من التدبر.
ثم قال: "ونقول ثانياً: إن مشاهدة المتكلم والمخاطب للمشار إليه إنما
¬__________
(¬1) "تفسير الألوسي".

الصفحة 262