كتاب موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين (اسم الجزء: 2/ 1)

لهم، فكان من مقتضى المنطق أن نورد عليه أشياء ظهر فيها اهتمام الأنبياء، وليست من قبيل هداية القوم، ولو قال: إن أهم ما يهتم له الأنبياء أن يهدي الله بهم، لسلكنا في الرد عليه وجهة أخرى هي: أن كون الهداية أهم في نظر النبي - صلى الله عليه وسلم -، لا يمنع من أن يذكر الله تعالى أمرًا كان مظهراً من مظاهر الإنعام الذي يرتاح له النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإن كان دون نعمة الهداية به.
كان صاحب المقال قد قال في تفسير قوله تعالى: {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ} [ص: 44]: "أي: لا ترفع في وجوه قومك رمحاً ولا عصاً، ولا تُغلظ لهم في القول، ولا تخاشنهم في الطلب، بل لوّح لهم في وجوهم بالرياحين والأزهار، ولا تأثم بالغلظة".
فكتبنا في التعليق عليه: "هكذا يقول صاحب المقال، ويقول زعيم القاديانية الضالَّة عن السبيل محمَّد علي في تعليقه على ترجمته للقرآن الكريم إلى الإِنجليزية: {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا}: القرينة تدل على أن المقصود من ذلك أعداؤه، والمراد من أخذ الضغث والضرب بها معاملتهم باللين والرفق".
ونقلنا بعدُ: أن أبا زيد الدمنهوري صاحب التفسير المنبوذ قد أوَّل: {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا} بمعنى: أخذه بيده شيئاً من مجموعة من خليط من الحطب أو الحشيش، أو غيره؛ لتكون بضاعة يكتسب بها العيش، ونبهنا على أن قول أبي زيد في تفسير: {ارْكُضْ بِرِجْلِكَ} [ص: 42]،: أن أيوب كان في سفر مسه منه تعب ومشقة، وكان محتاجاً إلى الماء، هو ما فسر به الآية زعيمُ تلك الطائفة الخارجة عن سبيل المؤمنين.
وكان من صاحب المقال أن كتب في رده فقال: "قل لي بربك: ماذا يفيد الكاتب من أن يعلق على ما أولت به الآية بسوق ما قاله زعيم القاديانية،

الصفحة 267