كتاب موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين (اسم الجزء: 2/ 1)

المنهج، قريبة المأخذ، وبمثل هذا الوجه اشتد عضدنا في الرد على طائفة الباطنية؛ إذ حرَّفوا الآيات عن مواضعها، وصرفوها إلى استعارات وكنايات ينكرها الذوق السليم، ولا تحتملها قوانين البيان.
ثم قال كاتب المقال في رده: "وإنَّما اندفع هذا الكاتب إليها - أي: إلى تلك الدعاوى -؛ لتأثره بإسرائيليات نشأ عليها، فغدت عقيدةً عنده لا يستند فيها إلا إلى التقليد، وقديماً رمى الناس الأنبياء بالسحر والجنون، وغير ذلك، مع وضوح حجتهم، وسطوع برهانهم، ولكنه التقليد أعماهم حتى قالوا: {قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ} [الشعراء: 74]، ".
يريد من الدعاوى: ما بينته من حمله للآيات على استعارات وكنايات بعيدة لا داعي إليها، ولا قرينة تساعد عليها، وقد أكثر من ذكر أني أكتب متأثرًا بالإسرائيليات، أو كتب عن تقليد، وهذا حديث لا يعود على البحث بجدوى؛ فإنا نكتب لذوي الفطر السليمة، والأفكار النبيهة، وهؤلاء يميزون الشبهة من الحجَّة، ويفرقون بين المعقولات والخيالات، ولا يتجافون عن رأي لمجرد أنه رأي قديم، أو يطيشون إلى آخر لمجرد أنه رأي جديد، فلا يضر الباحثَ أن يقال عنه إنه متأثر بالإسرائيليات، وهو غير متأثر بها، أو يقال عنه: إنه مقلد، وهو يسوق بحثه على طرق منطقية.
وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت، وإليه أنيب.

الصفحة 271