كتاب موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين (اسم الجزء: 2/ 1)

المصحف الشريف.
ومن حلف بالقرآن، فقد انعقدت يمينه الشرعية؛ لأنه حلف بكلام الله؛ فقد نص الفقهاء على أن الحلف بذات الله، أو صفة من صفاته يمينٌ شرعية منعقدة.
ومن العامة من يحلف بالله كذباً، ويحلف بالولي.
وسمعت بأذني رجلاً عامياً يقول لآخر: والله! ما فعلت كذلك، فقال: لا أصدقك، ولو حلفت بحق الولي فلان. فينبغي تعليم العوام: أن الله أعظم من كل عظيم.
وقد سمعت بعض المنتمين للعلم يعتذر لمثل هذا العامي بعذر مثل الذنب، فيقول: إن الله حليم يغفر لمن حلف به كاذباً، والولي يبادر إلى الانتقام ممن يحلف به كاذباً.
وقد أمر الشارع من حَلَف أن يترك فعل خير؛ كصلة رحم، بأن يفعله، فقال تعالى: {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ} [النور: 22]، ونبَّه في الصحيح على من حلف على شيء، ورأى غيره خيراً منه أن يكفِّر عن يمينه، ويفعل ما هو خير؛ قال - صلى الله عليه وسلم -كما في الصحيح: "من حلف على يمين، ورأى خيراً منها، فليكفِّر عن يمينه، وليفعل الذي هو خير".
وأخيراً: نوجه أنظار الناس إلى أن الله كره لعباده كثرة الحلف، ونهاهم عنه في قوله تعالى: {وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 224].
ومن النّاس من يتخذ كثرة الحلف وسيلة لخداع غيره، وحمله على

الصفحة 59