كتاب موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين (اسم الجزء: 2/ 1)

كقول البيضاوي في خطبة "تفسيره": (الحَمْدُ لله الّذي نَزَّلَ الفُرْقانَ على عَبْدِه لِيَكونَ للعَالمين نَذيراً)، وقوله: {آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} [آل عمران: 7]، وقوله: (مَنْ ألقى السَّمْعَ وهو شَهِيد)، واستعمله القاضي عياض في خطبة كتاب "الشفاء"؛ كقوله: {وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى} [الإسراء: 72]. وقوله: {لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا} [المدثر: 31]. واستعمله محمد بن جزي في خطبة كتابه "القوانين"، فقال: {أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} [البقرة: 185]. واستعمل الشهاب الخفاجي في خطبة "شرح الشفاء" آية شطراً من تسجيع، ولم يقل: قال الله تعالى، فقال: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [يونس: 58].
ومن باب الاقتباس: أن يجيء الإنسان إلى الجملة من القرآن المنسوبة إلى الله، فينسبها إلى نفسه؛ كقول بعض الولاة لبعض المساجين: {اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ} [المؤمنون: 108].
وقول آخر في عُمّالِهِ: {إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ (25) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ} [الغاشية: 25، 26]. وذلك تشبُّهٌ بالإله، ومعصية كبيرة.
والتحريف اليسير جائز في الاقتباس دون القرآن، قال أحد أساتذتنا: واعتمدت على أن التحريف جائز في الاقتباس، فقلت في مرثية:
... ونَمارِقُ مَصْفوفَةٌ وزَرابِيُّ.
ومن الشعراء من تجرأ واقتبس بعض القرآن والأحاديث النبوية في شعر غزلي أو هزلي، فالإيمان يقضي بتجنب ذلك، فهو إعراض عن الحق إلى ضلال مبين.

الصفحة 63