كتاب موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين (اسم الجزء: 2/ 1)

ممن حَمَلْنَ به وهنَّ عواقدٌ ... حَبْلَ النطاقِ فشبَّ غيرَ مهبَّلِ
فالضمير في قوله: "حملن" عائد إلى النساء، ولم يجر لهنَّ ذكر، ولكن المراد مفهوم من لفظ: "حمل"، وما وقع فيه من سياق الكلام.
ومنها: قول لبيد:
حتى إذا ألقت يداً في كافرٍ ... وأجَنَّ عوراتِ الثغورِ ظلامُها
فإنه أراد: حتى إذا ألقت الشمس يداً في الليل إذ غربت، ولم يجر للشمس ذكرٌ في شعره.
ومنها: قول العباس بن عبد المطلب:
مِنْ قَبْلِها طبت في الظلال وفي ... مستودع حيث يخصف الورقُ
فإنه يريد: من قبل الأرض؛ أي: قبل وجودك فيها، ولم يجر ذكرٌ للأرض في كلامه.
النوع الرابع:
قال المحاضر: "الرابع: الضمائر التي تعود إلى الأفعال، وذلك حين يأمر الله بأمر أو ينهى عن شيء، ثم يريد بعد ذلك تحسين ما أمر به، أو تقبيح ما نهى عنه، أو تأكيد الأمر والنهي، ومثال ذلك قوله تعالى في سُورَةِ البقرة: {وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ} [البقرة: 149]، وقوله تعالى في سُورَةِ المائدة: {اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ} [المائدة: 8]، وقوله تعالى في سُورَةِ الأنفال بعد أن بين أحكام الموالاة بين المسلمين والكافرين: {إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ} [الأنفال: 73]، والنحويون يرجعون هذه الضمائر عادة إلى
مصدر متصيد - كما يقولون - من الكلام السابق".

الصفحة 92