كتاب الإشراف في منازل الأشراف لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

24 - أَخْبَرَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ هِشَامِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَوْلًى لِزِيَادِ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ قَالَ: خَرَجَ أَبُو الأَسْوَدِ الدُّؤَلِيُّ حَاجًّا بِامْرَأَتِهِ, وَكَانَتْ جَمِيلَةً, فَبَيْنَا هِيَ تَطُوفُ بِالْبَيْتِ, إِذْ عَرَضَ لَهَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ الْمَخْزُومِيُّ, فَغَازَلَهَا, فَأَتَتْ أَبَا الأَسْوَدِ فَأَعْلَمَتْهُ, فَأَتَاهُ أَبُو الأَسْوَدِ فَكَلَّمَهُ، فَقَالَ عُمَرُ: مَا فَعَلْتُ، فَلَمَّا عَادَتْ إِلَى الْمَسْجِدِ عَادَ فَكَلَّمَهَا, فَأَخْبَرَتْ أَبَا الأَسْوَدِ, فَأَتَاهُ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ مَعَ قَوْمِهِ, فَقَالَ:
أَنْتَ الْفَتَى كُلَّ الْفَتَى ... لَوْلاَ خَلاَئِقُ أَرْبَعُ
فَسَكَتَ عُمَرُ وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا، فَقَالَ أَبُو الأَسْوَدِ لاِمْرَأَتِهِ: إِنَّهُ لَيْسَ بِعَائِدٍ, فَلَمَّا خَرَجَتْ إِلَى الْمَسْجِدِ كَلَّمَهَا أَيْضًا, فَأَخْبَرَتْ أَبَا الأَسْوَدِ، فَأَتَاهُ فِي الْمَسْجِدِ, فَقَالَ:
وَإِنِّي لَيُثْنِينِي عَنِ الْجَهْلِ وَالْخَنَى ... وَعَنْ شَتْمِ أَقْوَامٍ خَلاَئِقُ أَرْبَعُ
حَيَاءٌ وَإِسْلاَمٌ وَتُقْيَا وَإِنَّنِي ... كَرِيمٌ وَمِثْلِي قَدْ يَضُرُّ وَيَنفَعُ
فَشَتَّانَ مَا بَيْنِي وَبَينَكَ إِنَّنِي ... عَلَى كُلِّ حَالٍ أَسْتَقِيمُ وَتَطْلُع
فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: لاَ وَاللَّهُ يَا عَمِّ لاَ أَعْرِضُ لِهَذَا بَعْدَ هَذَا الْيَوْمِ أَبَدًا بِشَيْءٍ تَكْرَهُهُ فَفَعَلَ.

الصفحة 111