كتاب الإشراف في منازل الأشراف لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

38 - حَدَّثَنِي سُهَيْلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ رَجُلٍ، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى خِيَامِ هَارُونَ, أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ, بَعْدَ مُنْصَرَفِهِ مِنْ طُوسٍ, وَقَدْ مَاتَ هَارُونُ:
مَنازِلُ الْعَسْكَرِ مَعْمُورَةٌ ... وَالْمَنْزِلُ الأَعَظَمُ مَهْجُورُ
خَلِيفَةُ اللهِ بِدَارِ الْبِلَى ... يَسْفِي عَلَى أَجْدَاثِهِ الْمُورُ
أَقْبَلَتِ الْعِيرُ تُبَاهِي بِهِ ... فَانْصَرَفَتْ تَنْدُبُهُ الْعِيرُ.
39 - حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ جَهْوَرِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ شَيْخٍ مِنْ قُرَيْشٍ, قَالَ: كَتَبَ مَالِكُ بْنُ أَسْمَاءَ بْنِ خَارِجَةَ إِلَى الْهَيْثَمِ بْنِ الأَسْوَدِ النَّخَعِيِّ يَتَشَكَّرُ لَهُ قِيَامَهُ عِنْدَ الْحَجَّاجِ بِأَمْرِ رَجُلٍ مِنْ آلِ حُذَيْفَةَ بْنِ بَدْرٍ الْفَزَارِيِّ خَلَّصَهُ مِنْهُ: أَمَّا بَعْدُ, فَإِنَّكَ لَمَّا كَلَّتِ الأَلْسُنُ عَنْ بُلُوغِ عَمَّا اسْتَحْقَقْتَ مِنَ الشُّكْرِ كَانَ أَعْظَمَ الْحِيَلِ عِنْدِي فِي مُكَافَأَتِكَ إِخْلاَصُكَ صِدْقَ الضَّمِيرِ, وَكَمَا لَمْ تُعْرَفْ لِزِيَادَتِكَ فِي الْعُلاَ إِذْ جُرِّبْتَ غَايَةً كَذَلِكَ جَهِلْتُ آيَةَ الثَّنَاءِ عَلَيْكَ, فَلَيْسَ لَكَ مِنَ النَّاسِ إِلاَ مَا أُلْهِمُوا مِنْ مَحَبَّتِكَ, فَأَنْتَ كَمَا وَصَفَ الْوَاصِفُ إِذْ يَقُولُ:
فَمَا تَعْرِفُ الأَفْهَامُ غَايَةَ مَدْحِهِ ... يَقِينًا كَمَا لَيْسَتْ بِغَايَتِهِ تَدْرِي.
40 - حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ جَهْوَرٍ، عَنْ شَيْخٍ مِنْ قُرَيْشٍ, قَالَ: تَزَوَّجَ سُلَيْمُ بْنُ شُعَيْبٍ الْهُجَيْمِيُّ امْرَأَةً مِنْ قُرَيْشٍ, يُقَالُ لَهَا: بَرْزَةُ, وَكَانَ سُلَيْمٌ شَيْخًا سَرِيًّا سَيِّدًا, وَكَانَ لاَ يَأْتِيهِ أَحَدٌ إِلاَ وَصَلَهُ, فَعَاتَبَتْهُ امْرَأَتُهُ فِي ذَلِكَ, فَقَالَ:
فَكَيْفَ بِذِي الْقُرْبَى وَذِي الرَّحِمِ ... الَّذِي أَتَانِيَ لَمَّا لَمْ يَجِدْ مُتَأَخِّرًا
لأَجْبُرَ مِنْهُ عَظْمَهُ وَأُرِيشَهُ ... وَقَدْ جَاءَنِي يَا بَرْزُ أَشعَثَ أَغْبَرَا
فَقَالَ:
زَمانٌ عَضَّ بِالنَّاسِ عَارِفٌ ... عَلَى الْعَظْمِ مَعْذُورٌ بِهِ مَنْ تَعَذَّرَا.

الصفحة 116