كتاب الإشراف في منازل الأشراف لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

171 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَمِيلٍ الْمَرْوَزِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا دَاوُدُ بْنُ قَيْسٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مِقْسَمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اتَّقُوا الشُّحُّ فَإِنَّ الشُّحَّ أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ, حَمَلَهُمْ عَلَى أَنْ سَفَكُوا دِمَاءَهُمْ, وَاسْتَحَلُّوا مَحَارِمَهُمْ.
172 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ الْقُرَشِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الْيَقْظَانِ، قَالَ: هَذِهِ الأَبْيَاتُ قَالَهَا حَاتِمُ طَيِّئٍ, أَنْشَدَنَا شُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ فِي الْمَسْجِدِ:
أَمَاوِيَّ مَا يُغْنِي الثَّرَاءُ عَنِ الْفَتَى ... إِذَا حَشْرَجَتْ يَوْمًا وَضَاقَ بِهَا الصَّدْرُ
أَمَاوِيَّ إِمَّا مَانِعٌ فَمُبَيِّنُ ... وَإِمَّا عَطَاءٌ لاَ يُنَهْنِهُهُ الزَّجْرُ
أَمَاوِيَّ إِنِّي لاَ أَقُولُ لِسَائِلٍ ... إِذَا جَاءَ يَوْمًا حَلَّ فِي مَالِنَا نَذْرُ
أَلَمْ تَرَ مَا أَنْفَقْتُ لَمْ يَكُ ضَرَّنِي ... وَإِنَّ يَدِي مِمَّا بَخِلْتُ بِهِ صِفْرُ
وَمَوْلًى كَدَاءِ الْبَطْنِ دَاوَيْتُ دَاءَهُ ... وَإِنْ كَانَ مَحْنِيَّ الضُّلُوعِ عَلَى غَمْرِ
وَلاَ أَلْطِمُ ابْنَ الْعَمِّ إِنْ كَانَ إِخْوَتِي ... شُهُودًا وَقَدْ أَوْدَى بِإِخْوَتِهِ الدَّهْرُ.
173 - حَدَّثَنِي أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الأَرْزِيُّ, عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطَّائِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ تَمَّامٍ الطَّائِيُّ، عَنْ أَبِي سَوْرَةَ السنبسي (1)، مِنْ طَيٍّ قَالَ: كَانَتِ النَّوَّارُ تُعَاتِبُ حَاتِمًا عَلَى إِنْفَاقِهِ, وَتَحُثُّهُ عَلَى وَلَدِهِ، وَكَانَتْ مَاوِيَّةُ سَكُونِيَّةً, وَلَمْ تَلِدْ لَهُ, فَكَانَتْ تَحُضُّهُ عَلَى نَفْسِهَا، قَالَ حَاتِمٌ:
أَمَاوِيَّ قَدْ طَالَ التَّجَنُّبُ وَالْهَجْرُ ... وَقَدْ عَذَرَتْنِي فِي طِلاَبِكُمْ عُذْرُ
أَمَاوِيَّ إِمَّا مَانِعٌ فَمُبَيِّنٌ ... وَإِمَّا عَطَاءٌ لاَ يُنَهْنِهُهُ الزَّجْرُ
فَقَدْ عَلِمَ الأَقْوَامُ لَوْ أَنَّ حَاتِمًا ... أَرَادَ ثَرَاءَ الْمَالِ كَانَ لَهُ وَفْرُ
إِذَا أَنَا دَلاَتِي الَّذِينَ أُحِبُّهُمْ ... بِمَلْحَودَةٍ زلج (1) جَوَانِبُهَا غُبْرُ
وَأَبَوْا ثِقَالاً يَنْفُضُونَ أَكُفَّهُمْ ... وَكُلُّهُمْ دَمَّى أَنَامِلَهُ الْحَفْرُ
أَمَاوِيَّ مَا يُغْنِي الثَّرَاءُ عَنِ الْفَتَى ... إِذَا حَشْرَجَتْ يَوْمًا وَضَاقَ بِهَا الصَّدْرُ
أَمَاوِيَّ إِنِّي لاَ أَقُولُ لِسَائِلِ ... إِذَا جَاءَ يَوْمًا حَلَّ فِي مَالِنَا نَذْرُ
أَمَاوِيَّ إِنَّ الْمَالَ غَادٍ وَرَائِحٌ ... وَيَبْقَى مِنَ الْمَالِ الأَحَادِيثُ وَالذِّكْرُ
وَلاَ أَشْتُمُ ابْنَ الْعَمِّ إِنْ كَانَ إِخْوَتِي ... شُهُودًا وَقَدْ أَوْدَى بِإِخْوَتِهِ الدَّهْرُ
وَلاَ أَخْذُلُ الْمَوْلَى لِسُوءِ بَلاَئِهِ ... وَإِنْ كَانَ مَحْنُوَّ الضُّلُوعِ عَلَى غَمْرِ
وَعِشْنَا مَعَ الأَقْوَامِ بِالْفَقْرِ وَالْغِنَى ... وَكُلاًّ سَقَانَا بِكَأْسِهِمَا الدَّهْرُ
فَمَا زَادَنَا بِأَوًا عَلَى ذِي قَرَابَةٍ ... غِنَانَا وَلاَ أَزْرَى بِأَحْسَابِنَا الْفَقْرُ.
_حاشية__________
(1) في طبعة الرشد: "التنيسيّ".
(2) في طبعة الرشد: "زنخٍ".

الصفحة 153