كتاب الإشراف في منازل الأشراف لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

193 - أَنْشَدَنِي أَبُو الْغَرَّافِ الْحَنْظَلِيُّ:
أَرَى الدُّنْيَا قَدِ انْتَقَضَتْ عُرَاهَا ... وَآنَ خَرَابُهَا وَدَنَا فَنَاهَا
عَلَى الدُّنْيَا السَّلاَمُ فَقَدْ تَوَلَّتْ ... إِذَا ارْتَفَعَ الرُّذَالُ إِلَى ذُرَاهَا.
194 - وَأَنْشَدَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: أَنْشَدَنِي أَبُو بِشْرٍ الضَّرِيرُ:
كَفَى حَزَنًا أَنِّي أَرُوحُ وَأَغْتَدِي ... وَمَالِيَ مِنْ مَالٍ أَصُونُ بِهِ عِرْضِي
وَأَكْبَرُ مَا أَلْقَى صَدِيقِي بِمَرْحَبًا ... وَذَلِكَ لاَ يَكْفِي الصَّدِيقَ وَلاَ يُرْضِي
لَقَدْ بَغَّضَ الإِعْدَامُ كُلَّ أَحَبَّتِي ... إِلَيَّ وَلَيْسُوا مُسْتَحِقِّينَ لِلْبُغْضِ.
195 - وَأَنْشَدَنِي الْحُسَيْنُ لِرَجُلٍ مِنْ أَصْبَهَانَ:
أَبَنِيَّ إِنِّي لَيْسَ يُشْخِصُني عَنْكُمُ ... قِلًى لَكُمْ وَلاَ بُغْضُ
إِلاَ لأُكْسِبَكُمْ بِذَاكَ غِنًى ... يَكْفِيَكُمْ وَيُرَى لَكُمْ عَرَضُ
أَكْفِيكُمْ مَنْعَ اللِّئَامِ بِهِ ... إِنَّ اللِّئَامَ لِمَنْعِهَا مَضُّ
إِنَّ الْمُقَامَةَ لاَ تُلاَئِمُ مَنْ ... لاَ ضَرْعَ يَحْلُبُهُ وَلاَ فَرْضُ
كَمْ مِنْ فَتًى مَحْضٍ ضُرٍّ أَتَاهُ ... أَزْرَى بِهِ وَبِأَهْلِهِ الْخَفْضُ
وَفَتًى يَرَى فِي الْخَفْضِ مَنْقصَةً ... لَمْ يُغْنِهِ قَرْضٌ وَلاَ فَرْضُ
طَلَبَ الْغِنَى مُتَجَمِّلاً ... فَحَوَاهُ لَمْ يَدْنَسْ لَهُ عِرْضُ
نَصْبًا أَبَنِيَّ إِنِّي غَيْرُ زَائِرُكُمْ ... حَتَّى أَزُورَكُمُ وَبِي نَهَضُ.
196 - حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَائِشَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَلَمَةُ بْنُ سَعِيدٍ اللَّيْثِيُّ، قَالَ: اسْتَنْكَرَ رَجَلٌ وَجْهَ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ وَبِشْرَهُ, فَقَالَ لِبَعْضِ إِخْوَانِهِ: استَنكَرْتُ عَمْرًا وَجْهَهُ, فَالْقَهُ لِي, فَسَلْهُ عَنْ ذَلِكَ, فَلَقِيَهُ الرَّجُلُ, فَقَالَ لِعَمْرٍو: أَنْكَرْتَ مِنْ فُلاَنٍ شَيْئًا؟ قَالَ: لاَ, قَالَ: لَقَدْ أَنْكَرَ بِشْرَكَ، قَالَ: إِنَّهُ وَاللَّهِ لَوْ بَلَغَنِي عَنْهُ شَيْءٌ أَنْكَرَهُ مَا تَرَكْتُ لِقَاءَهُ, فَإِنْ كَانَ لَهُ عُذْرٌ عَذَرْتُهُ, وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ وَعَظْتُهُ, إِنَّ الإِخَاءَ عِنْدِي فِي اللهِ إِذًا لَخَسِيسٌ.

الصفحة 160