كتاب الإشراف في منازل الأشراف لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

252 - وَحَدَّثَنَا بَسَّامُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ، أَنَّ عُمَرَ، قَالَ لِرَجُلٍ مِمَّنْ أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا قَاضِي دِمَشْقَ، قَالَ: وَكَيْفَ تَقْضِي؟ قَالَ: أَقْضِي بِكِتَابِ اللهِ، قَالَ: فَإِذَا جَاءَ مَا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللهِ؟ قَالَ: أَقْضِي بِسُنَّةِ رَسُولِ اللهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ, قَالَ: فَإِذَا جَاءَ مَا لَيْسَ فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللهِ؟ قَالَ: أَجْتَهِدُ رَأْيِي, وَأَوَامِرَ جُلَسَائِي، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَحْسَنْتَ, وَقَالَ لَهُ عُمَرُ: إِذَا جَلَسْتَ فَقُلِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ أَنْ أَقْضِيَ بِعِلْمٍ، وَأَنْ أُفْتِيَ بِحِلْمٍ، وَأَسْأَلُكَ الْعَدْلَ فِي الْغَضَبِ وَالرِّضَا, قَالَ: فَسَارَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَسِيرَ, ثُمَّ رَجَعَ إِلَى عُمَرَ, قَالَ: مَا رَجَعَكَ؟ قَالَ: رَأَيْتُ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ أَنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ يَقْتَتِلاَنِ, مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جُنُودٌ مِنَ الْكَوَاكِبِ, قَالَ: مَعَ أَيِّهِمَا كُنْتَ؟ قَالَ: مَعَ الْقَمَرِ, قَالَ عُمَرُ: نَعُوذُ بِاللَّهِ {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً} وَاللَّهِ لاَ تَلِي لِي عَمَلاً أَبَدًا، قَالَ: فَيَزْعُمُونَ أَنَّ ذَلِكَ الرَّجُلَ قُتِلَ مَعَ مُعَاوِيَةَ.
253 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ سَلْمَانَ بْنِ جُبَيْرٍ, مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَدْ أدْرَكَ أَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَا زِلْتُ أَسْمَعُ حَدِيثَ عُمَرَ هَذَا, أَنَّهُ خَرَجَ ذَاتَ لَيْلَةٍ يَطُوفُ بِالْمَدِينَةِ, وَكَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ كَثِيرًا, فَمَرَّ بِامْرَأَةٍ مُغْلِقَةٍ عَلَيْهَا بَابَهَا وَهِيَ تَقُولُ: فَاسْتَمَعَ لَهَا عُمَرُ:
تَطَاوَلَ هَذَا اللَّيْلُ مَا تَسْرِي كَوَاكِبُهُ ... وَأَرَّقَنِي أَلاَ ضَجِيعٌ أُلاَعِبُهُ
فَوَاللَّهِ لَوْلاَ اللَّهُ لاَ شَيْءَ غَيْرُهُ ... لَحُرِّكَ مِنْ هَذَا السَّرِيرِ جَوانِبُهُ
وَبِتُّ أُلاَهِي عَبْرَ بِدْعٍ مُلَعَّنٍ ... لَطَيفِ الْحَشَا لاَ يَحْتَوِيهِ مُصَاحِبُهُ
يُلاَعِبُنِي طَوْرًا وَطَوْرًا كَأَنَّمَا ... بَدَا قَمَرًا فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ حَاجِبُهُ
يُسَرُّ بِهِ مَنْ كَانَ يَلْهُو بِقُرْبِهِ ... يُعَاتِبُنِي فِي حُبِّهِ وَأُعَاتِبُهُ
وَلَكِنَّنِي أَخْشَى رَقِيبًا مُوَكَّلاً ... بِأَنْفُسِنَا لاَ يَفْتُرُ الدَّهْرَ كَاتِبُهُ
ثُمَّ تَنَفَّسَتِ الصُّعَدَاءَ, وَقَالَتْ: لَهَانَ عَلَى ابْنِ الْخَطَّابِ وَحْشَتِي فِي بَيْتِي, وَغَيْبَةُ زَوْجِي عَنِّي, وَقِلَّةُ نَفَقَتِي, فَقَالَ لَهَا عُمَرُ: رَحِمَكِ اللَّهُ, فَلَمَّا أَصْبَحَ بَعَثَ إِلَيْهَا بِنَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ, وَكَتَبَ إِلَى عَامِلِهِ يُسْرِعُ إِلَيْهِ بِزَوْجِهَا.

الصفحة 176