كتاب الإشراف في منازل الأشراف لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

285 - أَنْشَدَ أَبُو زَيْدٍ, قَالَ: أَنْشَدَنِي أَبُو نُعَيْمٍ لِلْعَرْزَمِيِّ:
أُعلِنَتِ الْفَوَاحِشُ فِي النَّوَادِي ... وَصَارَ الْقَوْمُ أَعْوَانَ الْمُرِيبِ
إِذَا مَا عِبْتُمْ عَابُوا مَقَالِي ... لِمَا فِي الْقَوْمِ مِنْ تِلْكَ الْقُلُوبِ
وَكُنَّا نَستَطَّبُ إِذَا مَرِضْنَا ... فَصَارَ هَلاَكُنَا بَيَدِ الطَّبِيبِ
وَجَاءَتْ عَيْبَةٌ هَدَمَتْ بَقَايَا ... مِنَ الْمَعْرُوفِ كَالثَّمْلِ الشَّرِيبِ
فَمَا يَنْزِعُونَ بَيَوْمِ خَيْر ... مِنَ الْمَعْرُوفِ إِلاَ لِلْمُشِيبِ.
286 - وَأَنْشَدَنِي أَبُو نُعَيْمٍ لِلْعَرْزَمِيِّ:
وَإِنِّي لاَ يَكُنْ لِلْكَرِيمِ الَّذِي أَرَى ... لَهُ أَرَبًا عِنْدَ اللَّئِيمِ يُطَالِبُهْ
وَأَرْثِي لَهُ مِنْ مَوقِفٍ عِنْدَ بَابِهِ ... كَمَرْثيَّتِي لِلطَّرَفِ وَالْعِلْجُ رَاكِبُهُ.
287 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ الْقُرَشِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو زُرَارَةَ, بِجَالُ بْنُ حَاجِبِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ شَيْبَانَ بْنِ عَلْقَمَةَ بْنِ زُرَارَةَ بْنِ عُدُسٍ, قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، أَنْ يَزِيدَ بْنِ شَيْبَانَ خَرَجَ حَاجًّا قَالَ: فَسِرْنَا, حَتَّى إِذَا اجْتَمَعَتِ الْفِرَقُ, وَحَضَرْنَا الْحَرَمَ, إِذَا رُفْقَةٌ ضَخْمَةٌ مِنَ الْعَرَبِ مُنْجِبُونَ, أَيْ عَلَى نَجَائِبَ يَتَسَايَرُونَ, قَالَ: قُلْتُ: إِنِّي أَرَى هَؤُلاَءِ مِنْ أَصْهَارِنَا وَمَعَارِفِنَا مِنْ قُرَيْشٍ, قَالَ: وَمَا هُوَ عَلَى نَاقَةٍ لَهُ, يُقَالُ لَهَا: تَمْرَةُ فَارِهَةٌ, قَالَ: قُلْتُ: مَنْ أَنْتُمْ؟ قَالُوا: قَوْمٌ مِنْ مَهْرَةَ، قَالَ: فَعَطَفْتُ نَاقَتِي وَلَمْ أُرَاجِعْهُمْ، قَالَ: فَقَالَ رَجُلٌ هُوَ رَأْسُ الْقَوْمِ: وَمَنْ ذَا الَّذِي شَامَكُمْ مُشَامَةَ الذِّئْبِ الْغَنَمَ, ثُمَّ عَطَفَ رَاحِلَتَهُ, كَأَنَّهُ لَمْ يَرَكُمْ مِنْ جَذْمِ الْعَرَبِ؟ رُدَّاهُ عَلَيَّ, فَلَحِقَنِي غُلاَمَانِ, فِي يَدِ أَحَدِهِمَا مِحْجَزٌ, فَأَهْوَى بِهِ إِلَى زِمَامِ النَّاقَةِ, فَأَلْحَقَانِي بِهِ, فَقَالَ: مَا شَأْنُكَ شَامَتَنَا مُشَامَةَ الذِّئْبِ الْغَنَمَ, ثُمَّ عَطَفْتَ رَاحِلَتَكَ كَأَنَّكَ لَمْ تَرَنَا مِنْ جَذْمِ الْعَرَبِ؟ قَالَ: قُلْتُ: لَيْسَ بِي ذَاكَ, وَلَكِنَّكَ اعْتَزَيْتَ إِلَى قَوْمٍ لاَ يَعْرِفُونِي وَلاَ أَعْرِفُهُمْ, قَالَ: فَقَالَ: وَاللَّهِ لَئِنْ كُنْتَ مِنْ جَذْمِ الْعَرَبِ لأَعْرِفَنَّكَ, قَالَ: قُلْتُ: وَاللَّهِ إِنِّي لِمَنْ جَذْمِ الْعَرَبِ, قَالَ: فَأَنَّمَا الْعَرَبُ عَلَى أَرْبَعِ دَعَائِمَ, إِنَّمَا هِيَ مُضَرُ, وَرَبِيعَةُ, وَقُضَاعَةُ, وَالْيَمَنُ, فَمِنْ أَيِّهِمْ أَنْتَ؟ قَالَ: قُلْتُ: امْرُؤٌ مِنْ مُضَرَ, قَالَ: أَمَا وَاللَّهِ لأَطْرَحَنَّكَ فِي مِثْلِ لُجَجِ الْبَحْرِ, قَالَ: قُلْتُ: أَوَلاَ تَدْرِي؟ قَالَ: فَمِنَ الْفُرْسَانِ أَنْتَ أَمْ مِنَ الْجَمَاجِمِ؟ قَالَ: فَعَرَفْتُ أَنَّ الْجَمَاجِمَ خِنْدِفٌ, وَأَنَّ الْفُرْسَانَ قَيْسٌ.

الصفحة 185