كتاب الإشراف في منازل الأشراف لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

297 - حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو سَعْدٍ: لَمَّا قَدِمَ الْحَجَّاجُ الْكُوفَةَ دَخَلَتْ عَلَيْهِ ثَقِيفٌ, فَلَمْ يَرَ فِيهِمْ مِثْلَ مُطَرِّفِ بْنِ الْمُغِيرَةِ, فَقَالَ: أَنْتَ سَيِّدُ قَوْمِي يَا مُطَرِّفُ, ادْخُلْ مَتَى أَحْبَبْتَ وَمَعَكَ سَيْفُكَ, حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمٌ دَخَلَ عَلَيْهِ, فَإِنَّهُ لَجَالِسٌ, إِذْ جَاءَ الْحَاجِبُ، فَقَالَ: أَصْلَحَ اللَّهُ الأَمِيرَ بَرِيدٌ عَلَى الْبَابِ، قَالَ: اخْرُجْ فَخُذْ كِتَابَهُ, فَخَرَجَ, فَقَالَ أَبِي: أَصْلَحَ اللَّهُ الأَمِيرَ, قَالَ: أَدْخِلْهُ، فَدَخَلَ, فَأَعْطَاهُ الْكِتَابَ, فَجَعَلَ يَقْرَأْهُ وَيَنْظُرُ إِلَى الرَّجُلِ, وَمُطَرِّفٌ جَالِسٌ, حَتَّى إِذَا قَرَأَهُ فَرَغَ مِنْهُ, قَالَ: يَا مُطَرِّفُ, أَلاَ تَعْجَبُ إِلَى هَذَا وَمَا جَاءَ بِهِ؟ فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ شَبِيهٌ بِبَرِيدٍ, يُرِيدُ أَنْ يَقْضِيَ لِلَّهِ مَا فِي عُنُقِهِ, قَالَ: يَا مُطَرِّفُ, أَلاَ تَعْجَبُ إِلَى ذَا؟ فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: يَاهَذَا, إِنِّي قَدْ نَصَحْتُكَ فَإِنْ تَقْبَلْ فَذَاكَ, وَإِنْ تَأْبَى فَمَا فِي كِتَابِي مَا يَحِلُّ بِهِ دَمِي, قَالَ: ائْتِنِي بِنَطْعٍ وَحَرْبَةٍ, فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِمَا الرَّجُلُ، قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ بِلاَ دَمٍ وَلاَ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ, قَالَ مُطَرِّفٌ: وَقُلْتُ بِيَدِي إِلَى قَائِمِ سَيْفِي لأَضْرِبَهُ بِهِ, فَكَأَنِّي أُرِيدُ أَنْ أَسْتَخْرِجَهُ مِنْ صَخْرَةٍ, فَقَالَ لِي: مَا شِئْتَ يَا مُطَرِّفُ؟ فَقَالَ مُطَرِّفٌ عِنْدَ ذَلِكَ: اللَّهُمَّ إِنَّ لَكَ عَلَيَّ إِنْ أَمْكَنْتَنِي مِنْ أَرْبَعِينَ عَنَانًا أَنْ أَخْرُجَ عَلَى هَذَا, فَاسْتَمْكَنَ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ رَجُلاً مِنْ إِيَادٍ, فَقَتَلَهُ وَجَاءَ بِرَأْسِهِ, قَالَ: فَقَالَ أَبُو وَائِلٍ: مَا أَجِدُ فِي نَفْسِي إِلاَ أَنِّي لَمْ أَخْرُجْ مَعَ مُطَرِّفٍ.

الصفحة 191