كتاب الإشراف في منازل الأشراف لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

440 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الأَرْزِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ زَيْدًا، قَالَ: حَدَّثَنِي شُرَطِيٌّ لِسِنَانِ بْنِ سَلَمَةَ قَالَ: أُتِيَ بِامْرَأَةٍ زَعَمُوا أَنَّهَا سَاحِرَةٌ, فَأَمَرَ بِهَا, فَأُلْقِيَتْ فِي الْعَيْنِ, أَوْ كَلِمَةٌ غَيْرُهَا, فَطَفَتْ, ثُمَّ أُعِيدَتْ, فَطَفَتْ, فَأَمَرَ بِنَحْتِ خَشَبِهَا وَتُصْلَبُ, فَجَاءَ زَوْجُهَا كَأَنَّهُ سَفُودٌ, فَقَالَ: أَصْلَحَكَ اللَّهُ, مُرْهَا أَنْ تَحِلَّ عَنِّي, قَالَ: حُلِّي عَنْهُ, قَالَتِ: ائْتُونِي بِبَابٍ وَكُبَّةِ غَزْلٍ, فَجَلَسَتْ عَلَى الْبَابِ, وَأَخَذَتِ الْكُبَّةَ مِنَ الْغَزْلِ, كَأَنَّهَا تُعَالِجُهَا, وَقَدْ أُبْرِزَتْ لِلنَّاسِ, وَأَحَاطَتْ بِهَا الْخَيْلُ, فَارْتَفَعَ الْبَابُ, فَصَدَّتْنَا يَمِينًا وَشِمَالاً, فَلَمْ نَقْدِرْ مِنْهَا عَلَى شَيْءٍ.
441 - حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُنِيبٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا رَجُلٌ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ رُوَيْمٍ اللَّخْمِي، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ مَسْلَمَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ هَاهُنَا أَمِيرًا, قِيلَ لَهُ: إِنَّ هَاهُنَا رَجُلاً دَخَلَ عَلَى هَارُوتَ وَمَارُوتَ, فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ, فَإِذَا شَيْخٌ جَلِيلٌ, فَثَنَيْتُ لَهُ وِسَادَةً بَيْنَ السِّمَاطَيْنِ, فَقَالَ لَهُ مَسْلَمَةُ: أَنْتَ الَّذِي دَخَلْتَ عَلَى هَارُوتَ وَمَارُوتَ؟ فَأَرْسَلَ عَيْنَيْهِ فَبَكَى, ثُمَّ شَّفَ دُمُوعَهُ, فَقَالَ: إِنِّي كُنْتُ غُلاَمًا يَافِعًا فِي حِجْرِ أُمِّي, وَكُنْتُ لاَ أَدْعُو بِشَيْءٍ مِنَ الدُّنْيَا إِلاَّ أُوتِيتُ بِهِ, فَلَمَّا أَدْرَكْتُ وَعَقَلْتُ, قُلْتُ: يَا أُمَّهْ, مِنْ أَيْنَ لَكُمْ هَذَا الْمَالُ؟ قَالَتْ: يَا بُنَيَّ, كُلْ حَلاَلاً وَلاَ تَسْأَلْ، فَأَبَيْتُ عَلَيْهَا, فَأَبَتْ عَلَيَّ, فَقُلْتُ: إِنْ لَمْ تُخْبِرِينِي فَجَعْتُكَ بِنَفْسِي, فَلَمَّا رَأَتِ الْجَدَّ قَالَتْ: فَإِنَّ أَبَاكَ كَانَ سَاحِرًا, وَإِنَّهُ جَمَعَ هَذَا الْمَالَ مِنَ السِّحْرِ, قُلْتُ: فَمِنْ أَيْنَ تَعَلَّمَهُ؟ فَأَبَتْ عَلِيَّ وَأَبَيْتُ عَلَيْهَا, فَقَالَتْ: مَا تُرِيدُ إِلَى هَذَا؟ فَأَخْبَرَتْنِي أَنَّهُ كَانَ يَخْتَلِفُ إِلَى نَصْرَانِيٍّ بِبَابِلَ, فَارْتَحَلْتُ إِلَيْهِ, حَتَّى قَدِمْتُ عَلَيْهِ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيَّ قَالَ: مَا أَقْدَمَكَ؟ مَا أَظُنَّ أَبَاكَ إِلاَّ قَدْ تَرَكَ لَكَ مِنَ الْمَالِ مَا لاَ يَحْتَاجُ إِلَى أَحَدٍ؟

الصفحة 231