كتاب اصطناع المعروف لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

87 - حَدَّثَنِي محمد بن الحسين، حَدَّثَنِي عبد الله بن عبد الرحمن بن شمر الخولاني، حَدَّثَنِي عبد الملك, مولى خالد بن عبد الله القسري قال: إني لأسير بين يدي خالد في يوم شديد البرد, في بعض نواحي الكوفة ومعه يومئذ وجوه الناس ركبانا, إذ قام إليه رجل فقال: حاجة أصلح الله الأمير, فوقف وكان كريما, فقال: ما هي؟ قال: تأمر رجلا فيضرب عنقي, قال: ولم؟ قطعت طريقا؟ قال: لا, قال: فأخفت سبيلا؟ قال: لا. قال: نزعت يدا من طاعة؟ قال: لا. قال: فعلام أضرب عنقك؟ قال: الفقر والحاجة, أصلح الله الأمير, قال: ثمنه؟ قال: ثلاثين ألفا, قال: فالتفت خالد إلى أصحابه, فقال: هل علمتم تاجرا ربح الغداة ما ربحت؟ نويت له مائة ألف، فتمنى ثلاثين ألفا، فربحت سبعين ألفا، ارجعوا بنا فلا حاجة لنا نربح أكثر من هذا، ارجعوا بنا. فرجع من موكبه, وأمر له بثلاثين ألفا.
88 - حَدَّثَنِي الحسين بن عبد الرحمن، عن شيخ من قريش قال: دخل رجل من قضاعة على عبد الملك بن مروان في وفد, فلما رآه أعجب به، فقال له: تكلم, فقال:
والله ما ندري إذا ما فاتنا طلب ... إليك من الذي نتطلب
ولقد ضربنا في البلاد فلم نجد ... أحدا سواك إلى المكارم ينسب
فاصبر لعادتك التي عودتنا ... أو لا فأرشدنا إلى من نذهب
قال: فأمر له بألف دينار, فلما كان في السنة الثانية أتاه, فقال: قل, فقال:
يود الذي يأتي من الخير أنه ... إذا فعل المعروف زاد وتمما
وليس كبان حين تم بناؤه ... تتبعه بالنقض حتى تهدما
فأمر له بألفي دينار، فلما كان في السنة الثالثة, أتاه فقال: قل. فقال:
إذا استعذروا كانوا معاذير بالندي ... يكرون بالمعروف عودا على بدء
فأمر له بأربعة آلاف. ثم مات القضاعي.

الصفحة 274