كتاب إصلاح المال لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

ثُمَّ مُرَّ الثَّانِيَةَ، فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَرَدَّ عَلَيْهِ عُمَرُ: لاَ أَزِيدُ حَتَّى أُوفِيَكَ. ثُمَّ مَرَّ بِهِ الثَّالِثَةَ، فَوَثَبَ أَبِي مُغْضَبًا، فَأَخَذَ بِثِيَابِ عُمَرَ، فَقَالَ لَهُ: كَذَّبَتْنِي وَظَلَمْتَنِي، وَلَهَزَهُ. فَوَثَبَ الْمُسْلِمُونَ إِلَيْهِ: يَا عَدُوَّ اللهِ لَهَزْتَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَأَخَذَ عُمَرُ ثِيَابَ أَبِي فَجَرَّهُ وَلاَ يَمْلِكُ مِنْ نَفْسِهِ شَيْئًا، وَكَانَ شَدِيدًا، فَانْتَهَى بِهِ إِلَى قَصَّابٍ، فَقَالَ: عَزَمْتُ عَلَيْكَ، أَوْ أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ لَتُعْطِيَنَّ هَذَا حَقَّهُ، فَلَكَ رِبْحِي، وَكَانَ عُمَرُ بَاعَ الْغَنَمَ مِنْهُ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لاَ، وَلَكِنْ أُعْطِي هَذَا حَقَّهُ وَأَهِبُكَ رِبْحَكَ, فَأَخْرَجَ حَقَّهُ، فَأَعْطَاهُ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: اسْتَوْفَيْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: بَقِيَ حَقُّنَا عَلَيْكَ، لَهْزَتُكَ الَّتِي لَهَزْتَنِي، قَدْ تَرَكْتُهَا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَكَ. قَالَ الأَصْبَغُ: وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ يَعْنِي عُمَرَ أَخَذَ رِبْحَهُ لَحْمًا، مُعَلَّقَةً فِي يَدِهِ الْيُسْرَى، وَفِي يَدِهِ الْيُمْنَى الدِّرَّةُ يَدُورُ فِي الأَسْوَاقِ حَتَّى دَخَلَ رَحْلَهُ.
214 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، قَالَ: كَانَ أَبُو قِلاَبَةَ يَأْمُرُنِي بِلُزُومِ السُّوقِ وَالصَّنْعَةِ، وَيَقُولُ: إِنَّ الْغِنَى مِنَ الْعَافِيَةِ.
215 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، أَخْبَرَنِي بَعْضُ أَهْلِنَا، قَالَ: مَرَّ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ بِالْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، وَعِنْدَهُ جَمَاعَةٌ، فَقَالَ: قَدْ تَرَكْتَ السُّوقَ، وَقَعَدْتَ مَعَ هَؤُلاَءِ؟ قُمْ إِلَى سُوقِكَ، فَإِنَّهُ خَيْرٌ لَكَ.
216 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَيُّوبَ، يَقُولُ: لَوْ أَعْلَمُ أَنَّ عِيَالِيَ، يَحْتَاجُونَ إِلَى جُرْزَةِ بَقْلٍ، مَا قَعَدْتُ مَعَكُمْ.
217 - حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ الصَّيْرَفِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: الدِّرْهَمُ مِنْ تِجَارَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ عَشَرَةٍ مِنْ عَطَايَا.
218 - حُدِّثْتُ عَنِ الْهَيْثَمِ بْنِ خَارِجَةَ، حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ هَاشِمٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ، قَالَ: كَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ [يَقُولُ]: مَنْ لَزِمَ الْمَسْجِدَ، وَتَرَكَ الْحِرْفَةَ، وَقَبِلَ مَا يَأْتِيهُ، فَقَدْ أَلْحَفَ فِي السُّؤَالِ.
219 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ الْجَوْهَرِيُّ، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم يَتْجَرُونَ فِي بَحْرِ الرُّومِ، مِنْهُمْ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ وَسَعِيدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ.
220 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَعْقُوبَ، عَنِ الْهَيْثَمِ بْنِ جَمِيلٍ، قَالَ: قُلْتُ لاِبْنِ الْمُبَارَكِ: أَتَّجِرُ فِي الْبَحْرِ؟ قَالَ: اتَّجِرْ فِي الْبِرِّ وَالْبَحْرِ، وَاسْتَغْنِ عَنِ النَّاسِ.

الصفحة 360