كتاب الاعتبار وأعقاب السرور والأحزان لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

6 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ الْقُرَشِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَوْنُ بْنُ كَهْمَسٍ الْقَيْسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي, قَالَ: لَقِيَتِ ابْنَةُ النُّعْمَانِ مَسْقَلَةَ بْنَ هُبَيْرَةَ، وَقَدْ قَدِمَ مِنْ أَصْبَهَانَ بِمَالٍ، قَالَ: فَبَكَتْ، قَالَ: مَا يُبْكِيكِ، أَلَمْ نُحْسِنْ تَرْكَكِ؟ قَالَتْ: بَلَى، وَلَكِنِّي بَكَيْتُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ، قَالَ: ذَكَرْتِ مُلْكَ أَبِيكِ وَمَا كُنْتِ فِيهِ؟ قَالَتْ: لاَ، قَالَ: فَمَا يُبْكِيكِ؟ قَالَتْ: لِمَا أَرَى بِكَ مِنَ الْحَبْرَةِ، وَلَيْسَ مِنْ حَبْرَةٍ إِلاَّ سَتَتْبَعُهَا عَبْرَةٌ.
7 - حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ قُرَيْبٍ الأَصْمَعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمِّي، قَالَ: حَدَّثَنَا عَامِرُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، قَالَ: خَرَجَ زِيَادٌ حَتَّى أَتَى حُرَقَةَ بِنْتَ النُّعْمَانِ بْنِ الْمُنْذِرِ، وَكَانَتْ فِي حِجْرِ هَانِئِ بْنِ قَبِيصَةَ بْنِ هَانِئِ بْنِ قَبِيصَةَ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ بْنِ ذُهْلِ بْنِ شَيْبَانَ، فَقَالَ: أَخْرِجُوهَا إِلَيَّ، وَقَدْ لَبِسَتِ الْمُسُوحَ، قَالَتْ: إِنِّي ضَعِيفَةٌ، قَالَ: اسْحَبُوهَا, أَوْ تَجِيءُ، قَالَ: فَخَرَجَتْ، وَقَالَ: حَدِّثِينِي عَنْ أَهْلِكِ، قَالَتْ: أَصْبَحْنَا وَمَا فِي الْعَرَبِ أَحَدٌ إِلاَّ يَرْجُونَا أَوْ يَخَافُنَا، وَأَمْسَيْنَا وَمَا فِي الْعَرَبِ أَحَدٌ إِلاَّ يَرْحَمُنَا.
8 - أَخْبَرَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ هِشَامِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ خَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ الأُمَوِيِّ، قَالَ: أَتَى إِسْحَاقُ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ هِنْدًا بِنْتَ النُّعْمَانِ بْنِ الْمُنْذِرِ فَقَالَ: أَتَيْتُكِ لِتُخْبِرِينَا عَنْ مُلْكِكِ، وَمُلْكِ أَهْلِ بَيْتِكِ، قَالَتْ: لَقَدْ رَأَيْتُنَا وَنَحْنُ مِنْ أَعَزِّ النَّاسِ وَأَشَدِّهِ مُلْكًا، ثُمَّ مَا غَابَتِ الشَّمْسُ, حَتَّى رَأَيْتُنَا مِنْ أَذَلِّ النَّاسِ، وَإِنِّي أُخْبِرُكَ أَنَّهُ حَقٌّ عَلَى اللهِ لاَ يَمْلَأُ دَارًا حَبْرَةً, إِلاَّ مَلَأَهَا عَبْرَةً، وَقَدْ كَانَ كِسْرَى غَضِبَ عَلَى النُّعْمَانِ غَضْبَةً نَفَرْتُ مِنْهَا فِي بِلاَدِ الْعَرَبِ، ثُمَّ رَضِيَ عَنْهُ, فَرَدَّ إِلَيْهِ مُلْكَهُ، فَقَالَتْ أُخْتُ النُّعْمَانِ حِينَ رَجَعَ إِلَيْهِ مُلْكُهُ: يَا أَخِي، قَدْ رَدَّ اللَّهُ إِلَيْنَا مُلْكَنَا، وَرَجَعَ إِلَيْنَا حُسْنُ حَالِنَا، وَإِنِّي لَأَرْثِي لَكَ وَلِي، مِمَّا الدَّهْرُ مُطَّلِعٌ بِهِ عَلَيْنَا.
9 - حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ أَبِي يَحْيَى السُّلَمِيُّ، عَنِ الأَصْمَعِيِّ، أَنَّ هَانِئَ بْنَ أَبِي قَبِيصَةَ رَأَى حُرَقَةَ بِنْتَ النُّعْمَانِ تَبْكِي, فَقَالَ لَهَا: لَعَلَّ أَحَدًا آذَاكِ؟ قَالَتْ: لاَ، وَلَكِنِّي رَأَيْتُ غَضَارَةً فِي أَهْلِكُمْ، وَقَلَّ مَا امْتَلَأَتْ دَارٌ سُرُورًا, إِلاَّ امْتَلَأَتْ حُزْنًا.

الصفحة 424