كتاب الاعتبار وأعقاب السرور والأحزان لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

40 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ الْمُحَبَّرِ، حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ سَعْدِ بْنِ هَاشِمٍ السُّلَمِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَعْرَسَ رَجُلٌ مِنَ الْحَيِّ عَلَى ابْنِهِ قَالَ: فَاتَّخَذُوا لِذَلِكَ لَهْوًا، قَالَ: وَكَانَتْ مَنَازِلُهُمْ إِلَى جَانِبِ الْمَقَابِرِ، فَوَاللَّهِ إِنَّهُمْ لَفِي لَهْوِهِمْ ذَلِكَ لَيْلاً, إِذْ سَمِعُوا صَوْتًا مُنْكَرًا أَفْزَعَهُمْ، فَأَصْغَوْا مُطْرِقِينَ، فَإِذَا هَاتِفٌ يَهْتِفُ مِنْ بَيْنِ الْقُبُورِ:
يَا أَهْلَ لَذَّةِ دُنْيَا لاَ تَدُومُ لَهُمْ ... إِنَّ الْمَنَايَا تُبِيدُ اللَّهْوَ وَاللَّعِبَا
كَمْ قَدْ رَأَيْنَاهُ مَسْرُورًا بِلَذَّتِهِ ... أَمْسَى فَرِيدًا مِنَ الأَهْلِينَ مُغْتَرِبَا
قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا لَبِثُوا بَعْدَ ذَلِكَ أَيَّامًا حَتَّى مَاتَ الْفَتَى الْمُزَوَّجُ.
41 - حَدَّثَنِي بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ الْعَقَدِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: كَانَ بِمَكَّةَ مُقْعَدَانِ، وَكَانَ لَهُمَا ابْنٌ، فَإِذَا أَصْبَحَ حَمَلَهُمَا, فَأَتَى بِهِمَا الْمَسْجِدَ، ثُمَّ يَذْهَبُ, فَيَكْسِبُ عَلَيْهِمَا، ثُمَّ يَأْتِي حِينَ يُمْسِي, فَيَحْمِلُهُمَا, فَيَرُدُّهُمَا، فَفَقَدَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَسَأَلَ عَنْهُ، فَقَالُوا: مَاتَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَوْ تُرِكَ أَحَدٌ لأَحَدٍ, لَتُرِكَ ابْنُ الْمُقْعَدَيْنِ, ثُمَّ قَامَ خَطِيبًا, فَقَالَ: لَوْ تُرِكَ أَحَدٌ لأَحَدٍ لَتُرِكَ ابْنُ الْمُقْعَدَيْنِ.

الصفحة 440