كتاب الاعتبار وأعقاب السرور والأحزان لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

45 - وَأَنْشَدَنِي ابْنُ الأَعْرَابِيِّ لِرَجُلٍ يَرْثِي ابْنًا لَهُ، وَجَدَ عَلَيْهِ:
لَعَمْرِي لَقَدْ أَوْرَثْتَ قَلْبِيَ حَسْرَةً ... مُلاَزَمَةً مَا حَجَّ لِلَّهِ رَاكِبٌ
سَأَبْكِيكَ مَا هَبَّتْ رِيَاحٌ مِنَ الصَّبَا ... وَمَا طَلَعَتْ شَمْسٌ وَلاَحَتْ كَوَاكِبُ
لَأُفِنِي عَلَيْكَ الدَّمْعَ كَيْلاَ يَنَالَهُ ... سِوَاكَ، وَإِنْ عَزَّتْ عَلَيْكَ الْمَصَائِبُ
حَمَلْتُكَ يَا سُؤْلِي وَجِسْمُكَ لِلْبِلَى ... عَلَى الرَّغْمِ مِنِّي وَالدُّمُوعُ سَوَاكِبُ
وَأَهْدَيْتُ مَا قَدْ كُنْتُ مِنْكَ أَصُونُهُ ... إِلَى حُفْرَةٍ، إِنِّي إِلَى اللهِ رَاغِبُ
فَقَدْ قُطِّعَتْ آمَالُنَا مِنْكَ بَعْدَمَا ... ظَنَنَّا فَأَخْطَأَتْنَا الظُّنُونُ الْكَوَاذِبُ
وَأَوْحَشْتَ دَارًا كُنْتَ أُنْسًا لأَهْلِهَا ... فَهَلْ أَنْتَ إِنْ طَالَ التَّوُجُّعُ آيِبُ؟
وَأَنَّى لِمَنْ يُسْتَوْدَعُ التُّرْبَ أَوْبَةٌ ... تُرَجَّى وَقَدْ سُدَّتْ عَلَيْهِ الْمَذَاهِبُ.
46 - وَقَالَ آخَرُ فِي ابْنٍ لَهُ وَجَدَ عَلَيْهِ:
حَبِيبٌ حَلَّ فِي دَارِ اغْتِرَابِ ... مَحَلَّةَ غَيْرِ مَرْجُوِّ الإِيَابِ
يَقُولُ: تَنَاسَهُ مَنْ لَمْ يَلِدْهُ ... عُجَابٌ مَا يَقُولُ مِنَ الْعُجَابِ
وَكَيْفَ أُطِيقُ أَنْ أَنْسَى حَبِيبًا ... يُقَطِّعُ ذِكْرُهُ بَرْدَ الشَّرَابِ
أَلاَ لَسْتُ نَاسِيَهُ وَلَكِنْ ... سَأَذْكُرُهُ بِصَبِرٍ وَاحْتِسَابِ.

الصفحة 442