كتاب الاعتبار وأعقاب السرور والأحزان لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

47 - حَدَّثَنِي أَبُو سَعِيدٍ الْمَازِنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي الزُّبَيْرُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ يَعْقُوبَ التَّيْمِيُّ، قَالَ: أَقْبَلْتُ مِنْ عُمْرَةِ الْمُحَرَّمِ، فَنَزَلْتُ الْعَرْجَ، فَإِذَا أَنَا بِشَابٍّ مَيِّتٍ، وَظَبْيٍ مَذْبُوحٍ، وَفَتَاةٍ عَبْرَى، فَقُلْتُ: أَيَّتُهَا الْفَتَاةُ، مَا خَبَرُ هَذَا الشَّابِّ، وَهَذَا الظَّبْيِ؟ فَقَالَتْ: إِنَّ هَذَا ابْنُ عَمِّي، وَهُوَ زَوْجِي، وَإِنَّا نَزَلْنَا هَذَا الْمَوْضِعَ, فَمَرَّ بِهِ هَذَا الظَّبْيُ، فَأَخَذَهُ, فَأَضْجَعَهُ لِيَذْبَحَهُ، فَلَمَّا أَجْرَى الشَّفْرَةَ عَلَى حَلْقِهِ ارْتَكَضَ بِيَدَيْهِ, فَوَخَزَهُ بِقُوَّتِهِ فَقَتَلَهُ، وَإِذَا هِيَ تَقُولُ:
يَا خَشْفُ لَوْ بَطَلٌ لَكِنَّهُ قَدَرٌ ... عَلَى الإِسَاءَةِ مَا أَوْدَى بِكَ الْبَطَلُ
يَا خَشْفُ خَشْفُ بَنِي نَهْدٍ وَأُسْرَتِهِ ... نَكَلَ الْعَدُوُّ إِذَا مَا قِيلَ: مَنْ رَجُلُ؟
أَمْسَتْ فَتَاةُ بَنِي نَهْدٍ مُعَطَّلَةً ... وَبَعْلُهَا بَيْنَ أَيْدِي الْقَوْمِ مُقْتَتَلُ
كَانَتْ مَنِيَّتُهُ وَخْزًا بِذِي شُعَبٍ ... فَارْتَضَّ لاَ أَوَدٌ فِيهِ وَلاَ فَلَلُ
قَالَ: فَمَا رَأَيْتُ ثَلاَثَةً نَحَبْتُ مِثْلَهُمُ: الشَّابُّ مَيِّتٌ، وَالظَّبْيُ مَذْبُوحٌ، وَالْفَتَاةُ عَبْرَى.
48 - حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ جَهْوَرٍ، قَالَ: مَرَرْتُ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي هَاشِمٍ الْكُوخِيِّ بِالْخُلْدِ وَالْقَرَارِ، فَنَظَرَ إِلَى تِلْكَ الآثَارِ, فَوَقَفَ مُتَأَمِّلاً فَقَالَ:
بَنَوْا وَقَالُوا: لاَ نَمُوتُ ... وَلِلْخَرَابِ بَنَى الْمُبَنِّي
مَا عَاقِلٌ فِيمَا رَأَيْتُ ... إِلَى الْحَيَاةِ بِمُطْمَئِنِّ.

الصفحة 443