كتاب الاعتبار وأعقاب السرور والأحزان لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

60 - وَحَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ، قَالَ: سَمِعْتُ صَالِحًا الْمُرِّيَّ، أَوْ حُدِّثْتُ عَنْهُ، قَالَ: دَخَلْتُ دَارَ الْمُورِيَانِيِّ, فَاسْتَخْرَجْتُ مِنْهَا ثَلاَثَ آيَاتٍ: {فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا} {فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ} {وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} فَخَرَجَ عَلَيَّ أَسْوَدُ مِنْ نَاحِيَةِ الدَّارِ فَقَالَ: يَا أَبَا بِشْرٍ، هَذِهِ سَخْطَةُ مَخْلُوقٍ، فَكَيْفَ سَخَطُ الْخَالِقِ.
61 - وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي بَعْضُ مُلُوكِ الْبَصْرَةِ, قَالَ: رَفَعَ الْمُورِيَانِيُّ إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الأُخْرَى، فَقَالَ: تاز شاه شاه أزين تيكي، قَالَ: وَاي وَاي مِنَ الْخَيْرِ، فَمَا أَمْسَى يَوْمَئِذٍ حَتَّى بَعَثَ الْخَلِيفَةُ إِلَيْهِ, فَجَلَّسَهُ, ثُمَّ قَتَلَهُ، وَهَدَمَ دَارَهُ، وَأَخَذَ مَالَهُ.
62 - حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ عَلِيَّ بْنَ الْجَعْدِ، يَقُولُ: أَخْبَرَنِي مَنْ رَأَى أَبَا جَعْفَرٍ الْمَنْصُورَ يَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ، وَاضِعًا يَدَهُ عَلَى أَبِي أَيُّوبَ الْمُورِيَانِيِّ وَهُوَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ ادْفَعْ لِخَلِيفَتِكَ عَنْ نَفْسِ سُلَيْمَانَ الْمَكْرُوهَ، ثُمَّ لَمْ يَلْبَثْ أَنْ فَعَلَ بِهِ مَا فَعَلَ.
63 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عُمَرَ الْعُمَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو إِسْمَاعِيلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَعْصَعَةَ الْبَجَلِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَهْدِيَّةَ التَّمِيمِيَّةِ، امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي الْعَنْبَرِ، كَانَ لَهَا بَنُونَ إِخْوَةٌ, فَمَاتُوا وَبَقِيَ لَهَا ابْنٌ وَاحِدٌ فَمَاتَ، فَأَنْشَأَتْ تَقُولُ:
أَمِنْجَابَ الْمَكَارِمِ عُدْ إِلَيْنَا ... لأَنْ نَشْفِي بِرُؤْيَتِكَ الْغَلِيلاَ
كَأَنَّكَ لَمْ تَقُلْ لِلرَّكْبِ سِيرُوا ... وَلَمْ تَرْحَلْ عَذَاقِرَةً ذَمُولاَ
قَالَ: ثُمَّ حَدَّثَتْنَا سَاعَةً, ثُمَّ تَبَسَّمَتْ، فَقَالَتْ لَهَا امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ: أَتَضْحَكِينَ وَأَنْتَ حَرَّى ثَكْلَى، قَدْ ثَكِلْتِ مِنْجَابًا، أَجُنُونٌ اعْتَرَاكِ، أَمْ فَنَدٌ، أَمْ مَاذَا دَهَاكِ؟ فَبَكَتْ, ثُمَّ قَالَتْ: لاَ وَأَبِيكِ، وَلَكِنَّ الشَّرَّ لاَ يَجِدُ لِي مَزِيدًا.

الصفحة 448