كتاب الاعتبار وأعقاب السرور والأحزان لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

65 - وَحَدَّثَنِي عَوْنُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الصَّلْتِ الشَّامِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَوْحٍ الْمِصْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْكَلْبِيُّ، قَالَ: لَمَّا مَاتَ الإِسْكَنْدَرُ, وَهُوَ ذُو الْقَرْنَيْنِ، خَرَجَتْ أُمُّهُ فِي أَحْسَنِ زِيِّ نِسَاء أَهْلِ الإِسْكَنْدَرِيَّةِ, حَتَّى وَقَفَتْ عَلَى نَامُوسِهِ, فَقَالَتْ: وَاعَجَبًا مِمَّنْ بَلَغَتِ الدُّنْيَا, وَأَقْطَارَ الأَرْضِ سُلْطَانُهُ، وَدَانَتْ لَهُ الْمُلُوكُ عَنْوَةً، أَصْبَحَ الْيَوْمَ نَائِمًا لاَ يَسْتَيْقِظُ، صَامَتًا لاَ يَتَكَلَّمُ، مَحْمُولاً عَلَى يَدَيْ مَنْ لاَ يَنَالُهُ بِضُرِّهِ، أَلاَ هَلْ مُبَلِّغٌ الإِسْكَنْدَرَ عَنِّي بِأَنْ قَدْ وَعَظَنِي فَاتَّعَظْتُ، وَعَزَّانِي فَصَبَرْتُ، وَلَوْلاَ أَنِّي لاَحِقَةٌ بِهِ مَا فَعَلْتُ، فَعَلَيْكَ السَّلاَمُ يَا بُنَيَّ حَيًّا وَهَالِكًا، فَنِعْمَ الْبُنَيَّ كُنْتَ، وَنِعْمَ الْهَالِكِ أَنْتَ.
66 - وَحَدَّثَنِي عَوْنُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ، وَابْنُ رَوْحٍ الْمِصْرِيَّانِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ وَهْبٍ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، أَنَّ ذَا الْقَرْنَيْنِ لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ, كَتَبَ إِلَى أُمِّهِ: إِذَا أَتَاكِ كِتَابِي, فَاصْنَعِي طَعَامًا، وَاجْمَعِي عَلَيْهِ النِّسَاءَ، فَإِذَا جَلَسُوا لِلْغَدَاءِ, فَاعْزِمِي عَلَيْهِنَّ أَنْ لاَ تَأْكُلَ مِنْهُنَّ امْرَأَةٌ ثَكْلَى، فَفَعَلَتْ، فَعَلَّقْنَ أَيْدِيَهُنَّ كُلُّهُنَّ، فَقَالَتْ: أَلاَ تَأْكُلْنَ، أَكُلُّكُنَّ ثَكْلَى؟ قُلْنَ: إِي وَاللَّهِ، مَا مِنَّا امْرَأَةٌ إِلاَّ وَقَدْ ثَكِلَتْ أَبَاهَا, أَوْ أَخَاهَا, أَوِ ابْنَهَا، قَالَتْ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، هَلَكَ ابْنِي، مَا كَتَبَ بِهَذَا إِلاَّ تَعْزِيَةً.

الصفحة 451