كتاب الاعتبار وأعقاب السرور والأحزان لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

68 - وَحَدَّثَنِي عَوْنُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَوْحٍ الْمِصْرِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ زُهَيْرَ بْنَ عَبَّادٍ، قَالَ: لَمَّا حَضَرَتْ ذَا الْقَرْنَيْنِ الْوَفَاةُ, كَفَّنُوهُ، ثُمَّ وَضَعُوهُ فِي تَابُوتٍ مِنْ ذَهَبٍ، قَالَ: فَقَالَتِ الْحُكَمَاءُ: تَعَالَوْا, حَتَّى نَتَكَلَّمَ عَلَيْهِ وَنَعْتَبِرَ، فَقَالَ أَوَّلُهُمْ: إِنَّ هَذَا الشَّخْصَ كَانَ لَكُمْ وَاعِظًا، نَافِعًا، مُطِيعًا، وَلَمْ يَعِظْكُمْ قَطُّ بِأَفْضَلَ مِنْ مَصْرَعِهِ هَذَا، وَقَالَ الآخَرُ: إِنْ كَانَ فَارَقَ الأَنْجَاسَ، وَصَارَتْ رُوحُهُ إِلَى رُوحِ الطَّاهِرِينَ، فَطُوبَى لَهُ، وَقَالَ الثَّالِثُ: مَنْ كَانَ حَيَاتُهُ لِلَّهِ, فَإِنَّ وَفَاتَهُ لِلَّهِ، وَعَلَى اللهِ تَمَامُ كَرَامَتِهِ، وَقَالَ الرَّابِعُ: هُوَ الَّذِي سَارَ إِلَى مَشَارِقِ الأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا، يَقْتُلُ الرِّجَالَ مَخَافَةَ الْمَوْتِ، وَلَوْ تَرَكَهُمْ لَمَاتُوا، وَقَالَ الْخَامِسُ: هَذَا الَّذِي كَانَ يَخْبَأُ الذَّهَبَ، فَالذَّهَبُ الْيَوْمَ يَخْبَأُهُ، وَقَالَ السَّادِسُ: وَيْلٌ لأَهْلِ الْعَافِيَةِ فِي الدَّارِ، كَانَ حَظُّهُمْ مِنْهَا إِلَى غَيْرِ الْعَافِيَةِ، وَقَالَ السَّابِعُ: لاَ تُكْثِرُوا التَّلاَوُمَ بَيْنَكُمْ، وَاسْتَمْسِكُوا بِالتَّوْبَةِ، فَكُلُّكُمْ خَاطِئٌ، وَقَالَ الثَّامِنُ: مَنْ كَانَ يَعْمَلُ الْيَوْمَ بِالْخَطِيئَةِ, فَإِنَّهُ غَدًا عَبْدٌ لِلْخَطِيئَةِ، وَقَالَ التَّاسِعُ: لاَ تُعْجَبُوا بِمَا تَفْعَلُوا، وَلَكِنِ اعْجَبُوا بِمَا يُفْعَلُ بِكُمْ,

الصفحة 453