كتاب الاعتبار وأعقاب السرور والأحزان لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

70 - قَالَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيُّ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، مَوْلَى بَنِي أُمَيَّةَ، قَالَ: حَبَسَ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ عِيَاضَ بْنَ مُسْلِمٍ كَاتِبًا لِلْوَلِيدِ بْنِ يَزِيدَ، وَضَرَبَهُ وَأَلْبَسَهُ الْمُسُوحَ، فَلَمْ يَزَلْ مَحْبُوسًا حَتَّى مَاتَ هِشَامٌ، فَلَمَّا ثَقُلَ هِشَامٌ, صَارَ فِي حَدٍّ لاَ يُرْجَى لِمَنْ كَانَ مِثْلَهُ فِي الْحَيَاةِ، فَرَهِقَتْ عَشِيَّةً، وَظَنُّوا أَنَّهُ قَدْ مَاتَ، فَأَرْسَلَ عِيَاضُ بْنُ مُسْلِمٍ إِلَى الْخُزَّانِ: احْتَفِظُوا بِمَا فِي أَيْدِيكُمْ، فَلاَ يَصِلَنَّ أَحَدٌ إِلَى شَيْءٍ، وَأَفَاقَ هِشَامٌ مِنْ غَشْيَتِهِ، فَطَلَبُوا مِنَ الْخُزَّانِ شَيْئًا, فَمَنَعُوهُمْ، فَقَالَ هِشَامٌ: إِنَّمَا كُنَّا خُزَّانًا لِلْوَلِيدِ، وَمَاتَ هِشَامٌ مِنْ سَاعَتِهِ، فَخَرَج عِيَاضٌ مِنَ الْحَبْسِ, فَخَتَمَ الأَبْوَابَ وَالْخَزَائِنَ، وَأَمَرَ هِشَام, فَأُنْزِلَ مِنْ فِرَاشِهِ، وَمَنَعَهُمْ أَنْ يُكَفِّنُوهُ مِنَ الْخَزَائِنِ، فَكَفَّنَهُ غَالِبٌ مَوْلَى هِشَامٍ، وَلَمْ يَجِدُوا قُمْقُمًا لِيُسَخَّنَ فِيهِ الْمَاءُ, حَتَّى اسْتَعَارُوهُ، فَقَالَ النَّاسُ: إِنَّ فِي هَذَا لَعِبْرَةً لِمَنِ اعْتَبَرَ.
71 - حَدَّثَنِي الْمُفَضَّلُ بْنُ غَسَّانَ، عَنْ شَيْخٍ لَهُ قَالَ: لَمَّا دُفِنَ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ, وَقَفَ مَوْلًى لَهُ عَلَى قَبْرِهِ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فُعِلَ بِنَا بَعْدَكَ كَذَا، فُعِلَ بِنَا بَعْدَكَ كَذَا، وَأَعْرَابِيٌّ يَسْمَعُ ذَلِكَ، فَقَالَ الأَعْرَابِيُّ: الْهَ عَنْهُ الآنَ، فَوَاللَّهِ لَوْ كُشِفَ عَنْهُ, لَأَخْبَرَ أَنَّهُ لَقِيَ أَشَدَّ مِمَّا لَقِيتُمْ.
آخر الكتاب

الصفحة 457