كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل
47 - حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي يَزِيدَ الرَّقِّيِّ، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ، أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الأَمْرِ وَالنَّهْيِ، فَلَمْ يَأْمُرْ بِذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ: إِنْ صَبَرْتَ كَمَا صَبَرَ الْإِسْرَائِيلِيُّ, فَنِعْمَ، قِيلَ: فَكَيْفَ كَانَ الْإِسْرَائِيلِيُّ؟ قَالَ: كَانَ ثَلاَثَةُ نَفَرٍ اجْتَمَعُوا, فَقَالُوا إِنَّ هَذَا الرَّجُل يَفْعَلُ وَيَفْعَلُ, يَعْنُونَ مَلِكَهُمْ, فَقَالُوا: فَيَأْتِيهِ وَاحِدٌ مِنَّا, فَيَخْلُو بِهِ فِي السِّرِّ, فَيَأْمُرُهُ وَيَنْهَاهُ، فَذَهَبَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ, فَدَخَلَ عَلَيْهِ فَأَمَرَهُ وَنَهَاهُ، فَقَالَ: أَلاَ أَرَاكَ هَاهُنَا، فَأَمَرَ بِهِ فَحُبِسَ، فَبَلَغَ الْخَبَرُ الآخَرَيْنِ، فَقَالاَ: الآنَ وَجَبَ، فَجَاءَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، فَقَالَ: يَا هَذَا, جَاءَكَ رَجُلٌ يَأْمُرُكَ وَيَنْهَاكَ، فَأَمَرْتَ بِهِ فَحُبِسَ، فَقَالَ: أَلاَ أَرَاكَ صَاحِبَهُ، أَمَا إِنِّي لاَ أَفْعَلُ بِكَ مَا فَعَلْتُ بِهِ، فَأَمَرَ بِهِ, فَضُرِبَ حَتَّى مَاتَ، فَجَاءَ الْخَبَرُ إِلَى الثَّالِثِ، فَقَالَ: الآنَ وَجَبَ، فَأَتَاهُ، فَقَالَ: يَا هَذَا, جَاءَكَ رَجُلٌ, فَأَمَرَكَ وَنَهَاكَ فَحَبَسْتَهُ، وَجَاءَكَ الآخَرُ, فَضَرَبْتَهُ حَتَّى قَتَلْتَهُ، فَقَالَ: أَلاَ أَرَاكَ صَاحِبَهُ، أَمَا إِنِّي لاَ أَصْنَعُ بِكَ مَا صَنَعْتُ بِهِ، فَأَمَرَ بِهِ فَضَرَبَ وَتِدًا فِي أُذُنِهِ فِي الشَّمْسِ، فَحَرُّ الشَّمْسِ مِنْ فَوْقِهِ وَمِنْ تَحْتِهِ، وَأَرَادُوهُ عَلَى أَنْ يَتَكَلَّمَ بِشَيْءٍ, أَيْ شِبْهَ الِاعْتِذَارِ, إِلَى الْمَلِكِ, فَأَبَى قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ, رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ الْفُضَيْلِ: وَأَحَدُكُمْ لَوِ انْتُهِرَ قَالَ: جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاكَ.
48 - حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَيَّارُ بْنُ حَاتِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، قَالَ: كَانَ صِلَةُ بْنُ أَشْيَمَ يَخْرُجُ إِلَى الْجَبَّانِ, فَيَتَعَبَّدُ فِيهَا، فَكَانَ يَمُرُّ عَلَى شَبَابٍ يَلْهُونَ وَيَلْعَبُونَ، قَالَ: فَيَقُولُ لَهُمْ: أَخْبِرُونِي عَنْ قَوْمٍ أَرَادُوا سَفَرًا, فَحَادُوا النَّهَارَ عَنِ الطَّرِيقِ, وَنَامُوا اللَّيْلَ، فَمَتَى يَقْطَعُونَ سَفَرَهُمْ؟ قَالَ: فَكَانَ كَذَلِكَ يَعِظُهُمْ، فَمَرَّ بِهِمْ ذَاتَ يَوْمٍ، فَقَالَ لَهُمْ هَذِهِ الْمَقَالَةَ، قَالَ: فَانْتَبَهَ شَابٌّ مِنْهُمْ، فَقَالَ: يَا قَوْمُ, إِنَّهُ وَاللَّهِ مَا يَعْنِي بِهَذَا غَيْرَنَا، نَحْنُ بِالنَّهَارِ نَلْهُو, وَبِاللَّيْلِ نَنَامُ، ثُمَّ اتَّبَعَ صِلَةَ, فَلَمْ يَزَلْ يَخْتَلِفُ مَعَهُ إِلَى الْجَبَّانِ وَيَتَعَبَّدُ مَعَهُ, حَتَّى مَاتَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
الصفحة 478