كتاب الأهوال لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

فَلَا يَسْتَضِيءُ الْكَافِرُ وَالْمُنَافِقُ بِنُورِ الْمُؤْمِنِ كَمَا لَا يَسْتَضِيءُ الْأَعْمَى بِنُورِ الْبَصِيرِ. وَيَقُولُ الْمُنَافِقُ: {انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا} وَهِيَ خِدْعَةُ اللَّهِ الَّتِي خَدَعَ بِهَا الْمُنَافِق، قَالَ اللَّهُ: {يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ}, فَيَرْجِعُونَ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي قُسِمَ فِيهِ النُّورُ، فَلَا يَجِدُونَ شَيْئًا، فَيَنْصَرِفُونَ إِلَيْهِمْ، وَقَدْ ضُرِبَ {بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ}، نُصَلِّي بِصَلَاتِكُمْ، وَنَغْزُوا بِمَغَازِيكُمْ؟ {يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغُرُورُ فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} يَقُولُ سُلَيْمٌ: فَمَا يَزَالُ الْمُنَافِقُ مُغْتَرًّا حَتَّى يُقْسَمَ النُّورُ، وَيَمِيزُ اللَّهُ بَيْنَ الْمُؤْمِنِ وَالْمُنَافِقِ.
101 - حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، قَالَ: سَمِعْتُ شَرِيكَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ فِي قَوْلِهِ: {فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ} قَالَ: بِالشَّهَوَاتِ وَاللَّذَّاتِ، {وَتَرَبَّصْتُمْ} قَالَ: بِالتَّوْبَةِ، {وَارْتَبْتُمْ} قَالَ: شَكَكْتُمْ، {حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ لِلَّهِ}، قَالَ: الْمَوْتُ، {وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغُرُورُ} قَالَ: الشَّيْطَانُ.
101م- حَدَّثَنَا فُضَيْلٌ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْكُوفِيِّ، عَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ، مِثْلَهُ.
102 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْجُشَمِيُّ، حدثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ قَالَ: تَدْنُو الشَّمْسُ مِنَ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى تَكُونَ مِنْ رُءُوسِهِمْ قَابَ قَوْسٍ أَوْ قَوْسَيْنِ، وَتُعْطَى حَرُّ عَشْرَ سِنِينَ، وَمَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهِ طَحْرِيَّةٌ، وَمَا تَرَى فِي ذَلِكَ عَوْرَةَ مُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ، وَلَا يَضُرُّ حَرُّهَا يَوْمَئِذٍ مُؤْمِنًا وَلَا مُؤْمِنَةً، وَأَمَّا الْآخَرُونَ أَوِ الْكُفَّارُ فَإِنَّهَا تَطْبَخُهُمْ طَبْخًا، فَإِنَّمَا أَجْوَافُهُمْ غَقٌّ غَقٌّ.

الصفحة 530