كتاب الأهوال لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

212 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنِي رُسْتُمُ بْنُ أُسَامَةَ، حَدَّثَنِي الْفَضْلُ بْنُ الْمُهَلْهَلِ، أَخُو الْمُفَضَّلِ, وَكَانَ مِنَ الْعَابِدِينَ, قَالَ: كَانَ جَلِيسٌ لَنَا حَسَنُ التَّخَشُّعِ وَالْعِبَادَةِ، يُقَالُ لَهُ: مُجِيب، وَكَانَ مِنْ أَجْمَلِ الرِّجَالِ، قَالَ: فَصَلَّى حَتَّى انْقَطَعَ عَنِ الْقِيَامِ، وَصَامَ حَتَّى اسْوَدَّ, قَالَ: ثُمَّ مَرِضَ فَمَاتَ، وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ النَّضْرِ الْحَارِثِيُّ لَهُ صَدِيقًا، قَالَ: وَمَاتَ مُحَمَّدٌ قَبْلَهُ، قَالَ: فَرَأَيْتُ مُحَمَّدًا فِي مَنَامِي مِنْ بَعْدِ مَوْتِ مُجِيب, فَقُلْتُ: مَا فَعَلَ أَخُوكَ مُجِيب؟ قَالَ: لَحِقَ بِعَمَلِهِ, قَالَ: قُلْتُ: وَكَيْفَ وَجْهُهُ ذَاكَ الْحَسَن؟ قَالَ: أَبْلاَهُ اللهُ بِالتُّرَاب, قُلْتُ: وَكَيْفَ وَأَنْتَ تَقُولُ: قَدْ لَحِقَ بِعَمَلِهِ؟ قَالَ: يَا أَخِي, أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الأَجْسَادَ فِي الْقُبُورِ تَبْلَى, وَإِنَّ الأَعْمَالَ فِي الآخِرَةِ تَحْيَا؟ قَالَ: قُلْتُ: يَبْلُونَ حَتَّى لاَ يَبْقَى مِنْهُمْ شَيِءٌ, ثُمَّ يَحْيَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ, قَالَ: أَيْ وَاللهِ يَا أَخِي, يَبْلُونَ حَتَّى يَصِيرُوا رُفَاتًا, ثُمَّ يَحْيَوْنَ عِنْدَ الصَّيْحَةِ كَأَسْرَعَ مِنَ اللِّمَحِ.
213 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ، حَدَّثَنَا عَمْرٌو، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، {إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً} قَالَ: دَعَاهُمْ فَخَرَجُوا مِنَ الْأَرْضِ.
214 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنَا حَكِيمُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ صَالِحٍ الْمُرِّيِّ، قَالَ: دَخَلْتُ الْمَقَابِرَ نِصْفَ النَّهَارُ, فَنَظَرْتَ إِلَى الْقُبُورِ خَامِدَةً، كَأَنَّهُمْ قَوْمٌ صُمُوتٌ، فَقُلْتُ: سُبْحَانَ مَنْ يُحْيِيكُمْ وَيَنْشُرُكُمْ مِنْ بَعْدِ طُولِ الْبِلَى، فَهَتَفَ هَاتِفٌ مِنْ بَعْضِ تِلْكَ الْحُفَرِ: يَا صَالِحُ: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ} قَالَ: فَخَرَرْتُ وَاللَّهِ مَغْشِيًّا عَلَيَّ.

الصفحة 566