كتاب الأولياء لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

50 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ يَحْيَى، قال: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَارَةَ، قَالَ: مَرَّ ثَلاَثَةُ نَفَرٍ عَلَيْهِمُ الصُّوفُ وَالشَّعْرُ، فَقَالَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ لِصَاحِبِهِ: قَدْ يَبْلُغُ مِنْ حَدِّ الرِّضَا عَنِ اللهِ أَنْ يَمُرَّ بِمَزْبَلَةٍ مِنَ الْمَزَابِلِ, فَيَأْخُذَ مِنْهَا عَظْمًا نَخِرًا فَيَمُصَّهُ، فَيَجْعَلَ اللهُ لَنَا فِيهِ رِزْقًا، فَقَالَ: أَوَ لاَ يَسْأَلُ اللهَ, فَيُجْعَلُ لَهُ رِزْقًا فِي غَيْرِ ذَلِكَ؟ فَنَظَرَ إِلَيْهِ, فَقَالَ لَهُ: كُفَّ، إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللهِ أَرْضَى عَنِ اللهِ عز وجل مِنْ أَنْ يَسْأَلُوهُ، يَنْقُلُهُمْ مِنْ حَالَةٍ إِلَى حَالَةٍ, حَتَّى يَكُونَ هُوَ الَّذِي يَنْقُلُهُمْ.
51 - حدثني زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ، قال: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ، قال: أخبرنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ, مِنَ الْأبْنَاءِ قَالَ: ذَكَرُوا عِنْدَ رَابِعَةَ عَابِدًا كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ, يَنْزِلُ مِنْ مُتَعَبَّدِهِ فِي كُلِّ سَنَةٍ, فَيَأْتِي مَزْبَلَةً عَلَى بَابِ الْمَلِكِ، فَيَتَقَمَّمُ مِنْ فُضُولِ مَائِدَتِهِ، فَقَالَ رَجُلٌ عِنْدَهَا: وَمَا عَلَى هَذَا إِذْ كَانَ فِي هَذِهِ الْمَنْزِلَةِ أَنْ يَسْأَلَ اللهَ أَنْ يَجْعَلَ رِزْقَهُ مِنْ غَيْرِ هَذَا؟ فَقَالَتْ رَابِعَةُ: يَا هَذَا، إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللهِ إِذَا قُضِيَ لَهُمْ قَضَاءٌ لَمْ يَسْخَطُوهُ.
52 - حدثني عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ يَحْيَى، قال: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَارَةَ، قَالَ: خَرَجْنَا مَرَّةً عَشَرَةٌ مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ زَيْدٍ مِنَ الْبَصْرَةِ, حَتَّى رَكِبْنَا الْبَحْرَ، فَسِرْنَا فِي حراقةٍ, حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى سِيرَافٍ، فَدَخَلْنَا مَسْجِدِهَا, فَتَذَاكَرْنَا الرِّيَاءَ فِيمَا بَيْنَنَا، فَقُلْنَا: حَدَّثَ عَبْدُ الْوَاحِدِ بن زيد، عَنِ الْحَسَنِ: أَنَّ أَصْلَ الرِّيَاءِ حُبُّ الْمَحْمَدَةِ، فَإِذَا شَيْخٌ قَائِمٌ يُصَلِّي طُوَالٌ أَبْيَضُ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ, بِهِ جَنَا، فِي جَبْهَتِهِ سَجَّادَةٌ قَرِيبٌ مِنَّا، فَلَمَّا سَمِعَ قَوْلَنَا أَنَّ أَصْلَ الرِّيَاءِ حُبُّ الْمَحْمَدَةِ، صَاحَ صَيْحَةً, ظَنَنْتُ أَنَّ نَفْسَهُ قَدْ خَرَجَتْ، ثُمَّ انْحَنَى, فَأَخَذَ من رَمْلِ الْمَسْجِدِ, فَوَضَعَهُ عَلَى رَأْسِهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا وَيْلِي وَيَا عَوْلِي، إِنِّي لأَعْبُدُ اللهَ فِي هَذَا الْمَكَانِ مُنْذُ أَرْبَعِينَ سَنَةً، مَا أَقْوَى عَلَى ذَلِكَ إِلاَّ بِحُبِّ مَحْمَدَةِ النَّاسِ إِيَّايَ، قَالَ عُثْمَانُ: فَتَابَ إِلَى اللهِ بَعْدَ أَرْبَعِينَ عَامًا.

الصفحة 615