كتاب الأولياء لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

53 - حدثني زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ، قال: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ الصَّامِتِ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ عُمَيْرٍ يَقُولُ: كَانَ فِي خَرَابَاتِ الْقَبَائِلِ بِمِصْرَ رَجُلٌ مَجْذُومٌ، وَكَانَ شَابٌّ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ يَخْتَلِفُ إِلَيْهِ يَتَعَاهَدُهُ, وَيَغْسِلُ خَرَقَهُ، فَتَقَرَّأَ فَتًى مِنْ أَهْلِ مِصْرَ, فَقَالَ لِلَّذِي كَانَ يَخْدُمُهُ: إِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّهُ يَعْرِفُ اسْمَ اللهِ الأَعْظَمَ، فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَجِيءَ إِلَيْهِ، فَلَمَّا أَتَاهُ, سَلَّمَ عَلَيْهِ الْفَتَى، فَقَالَ: يَا عَمِّ، إِنَّكَ تَعْرِفُ اسْمَ اللهِ الأَعْظَمَ، فَلَوْ سَأَلْتَهُ أَنْ يَكْشِفَ مَا بِكَ، فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي، إِنَّهُ هُوَ الَّذِي ابْتَلاَنِي، فَأَكْرَهُ أَنْ أُرَادَّهُ.
54 - حدثني عَلِيُّ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْمَدَائِنِيِّ، قال: حدثني بَكْرُ بْنُ خُنَيْسٍ, قَالَ: خَرَجْنَا مَرَّةً نَسْتَقِي, وَخَرَجَ الأَمِيرُ وَالْقَاضِي، فَدَعَا الْقَاضِي، ثُمَّ أَذِنَ الأَمِيرُ لِلنَّاسِ بِالاِنْصِرَافِ، قَالَ: وَمَا نَرَى فِي السَّمَاءِ سَحَابًا، وَإِلَى جَنْبِي أَسْوَدُ عَلَيْهِ كِسَاءُهُ، قَالَ: فَالْتَفَتُّ إِلَيْهِ، فَسَمِعْتُهُ يَدْعُو، وَأُعْجِبْتُ بِدُعَائِهِ، فَقَالَ فِي دُعَائِهِ لَمَّا نَظَرَ إِلَى النَّاسِ مُنْصَرِفِينَ: اللهُمَّ اسْقِنَا السَّاعَةَ وَأَقْلِبْ عِبَادَكَ مَسْرُورِينَ، قَالَ: فَوَاللهِ إِنْ كَانَ إِلاَّ انْقِضَاءُ قَوْلِهِ, حَتَّى أَقْبَلَتِ السَّمَاءُ بِأَشَدِّ مَا يَكُونُ مِنَ الْمَطَرِ، قَالَ بَكْرٌ: فَحَرَصْتُ عَلَى أَنْ أَعْرِفَهُ, أَوْ أُدْرِكَهُ, فَلَمْ أَقْدِرْ عَلَى ذَلِكَ.
55 - حدثني عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ يَحْيَى، قال: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَارَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَلَفٍ الْعَمِّيِّ، عَنْ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: كُنْتُ أَطُوفُ حَوْلَ الْبَيْتِ, فَإِذَا أَنَا بِرَجُلٍ يَطُوفُ, شَاخِصًا بَصَرُهُ إِلَى السَّمَاءِ, وَهُوَ يَقُولُ: يَا مُقِيلَ الْعَاثِرِينَ، أَقِلْنِي عَثْرَتِي، اغْفِرْ لِي ذَنْبِي، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ أُسْبُوعِهِ, تَبِعْتُهُ، فَقُلْتُ: عَلِّمْنِي رَحِمَكَ اللهُ مِمَّا عَلَّمَكَ اللهُ، فَقَالَ لِي: هَلْ تَعْرِفُ مَالِكَ بْنَ دِينَارٍ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، أَوْصِنِي إِلَى مَالِكٍ بِمَا أَحْبَبْتَ, حَتَّى أُبَلِّغَهُ عَنْكَ، قَالَ: أَقْرِئْهُ السَّلاَمَ، وَقُلْ لَهُ: اتَّقِ اللهَ، وَإِيَّاكَ وَالتَّغْيِيرَ وَالتَّبْدِيلَ، فَإِنَّكَ إِنْ غَيَّرْتَ هُنْتَ عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: اتَّقِ اللهَ، وَعَلَيْكَ بِالصَّبِرِ، وَالتَّجَزِّي مِنَ الدُّنْيَا بِالْبَلاَغِ، وَأَنْ يَكُفَّ غَضَبَهُ، وَيَكْظِمَ غَيْظَهُ، وَيَتَجَرَّعَ الْمَرَارَةَ، وَأَعْلِمْهُ أَنَّ لِلَّهَ عز وجل غَدًا مَقَامًا يَأْخُذُ مِنْهُ لِلْجَمَّاءِ مِنَ الْقَرْنَاءِ، ثُمَّ قُلْ لَهُ يُحَاسِبْ نَفْسَهُ، وَيَتَّقِ اللهَ رَبَّهُ، وقُلْ لَهُ: إِنَّ الْجَنَّةَ طَيِّبَةٌ، طَيِّبٌ رِيحُهَا، عَذْبٌ مَاؤُهَا، لَذِيذٌ شَرَابُهَا، كَثِيرٌ أَزْوَاجُهَا، لاَ كَدَرَ فِيهَا وَلاَ تَنْغِيصَ، ثُمَّ قُلْ لَهُ: إِنَّ النَّارَ مُنْتِنٌ رِيحُهَا، خَبِيثَةٌ شَرَابُهَا، بَعِيدٌ قَعْرُهَا، أَلِيمٌ عَذَابُهَا، أَعَدَّهَا لأَهْلِ الْكِبْرِ وَالْخُيَلاَءِ.

الصفحة 616