كتاب الأولياء لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

85 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: قَرَأَ وَاصِلٌ: {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ} فَقَالَ: لاَ أَرَى رِزْقِي فِي السَّمَاءِ وَأَنَا أَطْلُبُهُ في الأَرْضِ، فَدَخَلَ خَرِبَةً يَتَعَبَّدُ فِيهَا، فَكَانَتْ تَنْزِلُ عَلَيْهِ كُلَّ يَوْمٍ دَوْخَلَةٌ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ, دَخَلَ أَخُوهُ فَكَانَ مَكَانَهُ.
86 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قال: حدثني عَيَّاشُ بْنُ عُصَيْمٍ، قال: حدثني سَعِيدُ بْنُ صَدَقَةَ, أَبُو مُهَلْهَلٍ, وَكَانَ يُقَالُ: إِنَّهُ مِنَ الأَبْدَالِ, قَالَ: جَاءَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ إِلَى قَوْمٍ قَدْ رَكِبُوا سَفِينَةً فِي الْبَحْرِ، فَقَالَ لَهُ صَاحِبُ السَّفِينَةِ: هَاتِ دِينَارَيْنِ، قَالَ: لَيْسَ مَعِي, وَلَكِنْ أُعْطِيكَ مِنْ يَدِي، قَالَ: فَعَجِبَ مِنْهُ، وَقَالَ: إِنَّمَا نَحْنُ فِي بَحْرٍ، فَكَيْفَ تُعْطِينِي؟ قَالَ: ثُمَّ أَدْخَلَهُ, فَسَارُوا, حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى جَزِيرَةٍ فِي الْبَحْرِ، فَقَالَ صَاحِبُ السَّفِينَةِ: وَاللهِ لأَنْظُرَنَّ مِنْ أَيْنَ يُعْطِينِي؟ هَلْ خَبَّأَ هَاهُنَا شَيْئًا؟ قَالَ: فَقَالَ لَهُ: يَا صَاحِبَ الدِّينَارَيْنِ, أَعْطِنِي حَقِّي، قَالَ: نَعَمْ، فَخَرَجَ إِبْرَاهِيمُ, فَمَضَى وَاتَّبَعَهُ الرَّجُلُ, وَهُوَ لاَ يَدْرِي، فَانْتَهَى إِلَى الْجَزِيرَةِ فَرَكَعَ, فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَنْصَرِفَ قَالَ: يَا رَبِّ، إِنَّ هَذَا قَدْ طَلَبَ مِنِّي حَقَّهُ الَّذِي لَهُ عَلَيَّ، فَأَعْطِهِ عَنِّي، قَالَ: وَهُوَ سَاجِدٌ، قَالَ: فَرَفَعَ رَأْسَهُ, فَإِذَا مَا حَوْلَهُ دَنَانِيرُ، قال: وَإِذَا الرَّجُلُ، فَقَالَ: جِئْتَ، خُذْ حَقَّكَ وَلاَ تَزْدَدْ، وَلاَ تَذْكُرْ ذلك، قَالَ: وَمَضَوْا, فَأَصَابَتْهُمْ عَجَاجَةٌ وَظُلْمَةٌ, وَأَحَسُّوا بِالْمَوْتِ، فَقَالَ الْمَلاَّحُ: أَيْنَ صَاحِبُ الدِّينَارَيْنِ؟ أَخْرِجُوهُ، قَالَ: فَجَاؤُوا إِلَيْهِ، فَقَالُوا: مَا تَرَى مَا نَحْنُ فِيهِ، ادْعُ اللهَ مَعَنَا؟ قَالَ: فَرَفَعَ يَدَيْهِ, وَأَرْخَى عَيْنَيْهِ، وَقَالَ: يَا رَبِّ، يَا رَبِّ، قَدْ أَرَيْتَ قُدْرَتَكَ، فَأَرِنَا بَرْدَ عَفْوِكَ وَرَحْمَتِكَ، قَالَ: فَسَكَنَتِ الْعَجَاجَةُ وَسَارُوا.

الصفحة 629