كتاب الأولياء لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

87 - وحدثني مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قال: أخبرني مُوسَى بْنُ عِيسَى، قال: حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ، قَالَ: مَا أَرَى هَذَا الأَمْرَ يَكُونُ إِلاَّ فِي رَجُلٍ لاَ يَعْلَمُ النَّاسُ ذَاكَ مِنْهُ, وَلاَ يَعْلَمُ هُوَ ذَاكَ مِنْ نَفْسِهِ.
88 - قَالَ أبو بكر: قَرَأْتُ فِي كِتَابٍ لِمُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بِخَطِّهِ، حدثني حَكِيمُ بْنُ جَعْفَرٍ، قال: حدثني مِسْمَعُ بْنُ عَاصِمٍ قَالَ: اخْتَلَفَ الْعَابِدُونَ عِنْدَنَا فِي الْوَلاَيَةِ, فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِذَا اسْتَحَقَّهَا عَبْدٌ لَمْ يُهِمَّ بِشَيْءٍ إِلاَّ نَالَهُ فِي دِينٍ كَانَ, أَوْ دُنْيَا، وَقَالَ آخَرُ: الوَلِيُّ لاَ يَعْصِي, غَيْرَ أَنَّهُ لاَ يُدْرِكُ الشَّيْءَ الَّذِي يُرِيدُهُ مِنَ الدُّنْيَا يَهُمّهُ وَلاَ يُدْرِكُهُ إِلاَّ بِطَلَبِهِ، كَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ: يَدْعُو, فَيُجَابُ، وَقَالَ آخَرُونَ: الْمُسْتَحِقُّ لِلْوِلاَيَةِ لاَ يُعْرَفُ لاِنْتِقَاصِ حَظِّهِ مِنَ الآخِرَةِ، فَتَكَلَّمُوا فِي ذَلِكَ بِكَلاَمٍ كَثِيرٍ، فَأَجْمَعُوا عَلَى أَنْ يَأْتُوا امْرَأَةً مِنْ بَنِي عَدِيٍّ, يُقَالُ لَهَا: أَمَةُ الْجَلِيلِ بِنْتُ عَمْرٍو الْعَدَوِيَّةُ، وَكَانَتْ مُنْقَطِعَةً جِدًّا مِنْ طُولِ الاِجْتِهَادِ، فَأْتَوْهَا، قَالَ مِسْمَعٌ: وَأَنَا يَوْمَئِذٍ مَعَ أَصْحَابِنَا، فَاسْتَأْذَنُوا عَلَيْهَا, فَأَذِنَتْ لَهُمْ، فَعَرَضُوا [عَلَيْهَا] اخْتِلاَفَهُمْ وَمَا قَالُوا، فَقَالَتْ: سَاعَاتُ الْوَلِيِّ سَاعَاتُ شُغُلٍ عَنِ الدُّنْيَا، لَيْسَ لِلْوَلِيٍّ الْمُسْتَحِقِّ فِي الدُّنْيَا مِنْ حَاجَةٍ، ثُمَّ أَقْبَلَتْ عَلَى كِلاَبٍ، فَقَالَتْ: بِنَفْسِي أَنْتَ يَا كِلاَبُ، مَنْ حَدَّثَكَ أَوْ أَخْبَرَكَ أَنَّ وَلِيَّهُ لَهُ هَمٌّ غَيْرُهُ فَلاَ تُصَدِّقْهُ، قَالَ مِسْمَعٌ: فَمَا كُنْتُ أَسْمَعُ إِلاَّ الصَّارِخَ مِنْ نَوَاحِي الْبَيْتِ.

الصفحة 630