كتاب الأولياء لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

94 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ, أَبُو خَالِدٍ الأُمَوِيُّ، حَدَّثَنَا مَسْلَمَةُ الْعَابِدُ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ، أَنَّ الْحَسَنَ كَانَ يَقُولُ: إِنَّ لِلَّهِ عِبَادًا كَمَنْ رَأَى أَهْلَ الْجَنَّةِ فِي الْجَنَّةِ وَهُمْ مُخَلَّدُونَ، وَكَمَنْ رَأَى أَهْلَ النَّارِ فِي النَّارِ مُعَذَّبُونَ، قُلُوبُهُمْ مَحْزُونَهٌ، وَشُرُورُهُمْ مَأْمُونَةٌ، وَحَوَائِجُهُمْ عِنْدَ اللهِ مَقْضِيَّةٌ، وَأَنْفُسُهُمْ عَنِ الدُّنْيَا عَفِيفَةٌ، صَبَرُوا أَيَّامًا قِصَارًا لِعُقْبَى رَاحَةٍ طَوِيلَةٍ، أَمَّا اللَّيْلُ فَصَافَّةٌ أَقْدَامُهُمْ، تَسِيلُ دُمُوعُهُمْ عَلَى خُدُودِهِمْ، يَجْأَرُونَ إِلَى رَبِّهِمْ: رَبَّنَا, رَبَّنَا، وَأَمَّا النَّهَارَ فَحُكَمَاءُ، عُلَمَاءُ، بَرَرَةٌ، أَتْقِيَاءُ، كَأَنَّهُمُ الْقِدَاحُ، يَنْظُرُ إِلَيْهِمُ النَّاظِرُ, فَيَحْسَبُهُمْ مَرْضَى، وَمَا بِالْقَوْمِ مِنْ مَرَضٍ، وَيَقُولُ: قَدْ خُولِطُوا، وَقَدْ خَالَطَ الْقَوْمَ أَمْرٌ عَظِيمٌ.
95 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قال: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ خَلَفٌ, قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلاً بِعَسْقَلاَنَ فِي لَيْلَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ مِنْ رَمَضَانَ فِي السَّحَرِ سَاجِدًا عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ وَهُوَ يَبْكِي, وَيَقُولُ فِي سُجُودِهِ الْقِفَارُ دَمَانَا, وَبَاعِد الْبَوَاكِي عَنَّا.
96 - حَدَّثَنِي عَوْنُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الشَّامِيُّ، قال: أخبرنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ، قال: حَدَّثَنَا أَبُو الْمُخَارِقِ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيه وَسَلم: مَرَرْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي بِرَجُلٍ مُغَيَّبٍ فِي نُورِ الْعَرْشِ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا، مَلَكٌ؟ قِيلَ: لاَ، قُلْتُ: نَبِيٌّ؟ قِيلَ: لاَ، قُلْتُ: مَنْ هُوَ؟ قَالَ: هَذَا رَجُلٌ كَانَ فِي الدُّنْيَا لِسَانُهُ رَطِبًا مِنْ ذِكْرِ اللهِ، وَقَلْبُهُ مُعَلَّقًا بِالْمَسَاجِدِ، وَلَمْ يَسْتَسِبَّ لِوَالِدَيْهِ قَطُّ.

الصفحة 633