كتاب الأولياء لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

97 - حَدَّثَنِي عَوْنُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قال: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ، قال: حدثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ السَّرِيِّ، قَالَ: كَانَ شَابٌّ بِالْبَصْرَةِ مُتَعَبِّدًا، وَكَانَتْ لَهُ عَمَّةٌ تَبْعَثُ إِلَيْهِ بِطَعَامِهِ، فَلَمْ تَبْعَثْ إِلَيْهِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ بِشَيْءٍ، فَقَالَ: يَا رَبِّ، أَرَفَعْتَ رِزْقِي؟ فَطُرِحَ إِلَيْهِ مِنْ زَاوِيَةِ الْمَسْجِدِ مِزْوَدٌ فِيهِ سَوِيقٌ، وَقِيلَ لَهُ: هَاكَ يَا قَلِيلَ الصَّبْرِ، فَقَالَ: وَعِزَّتِكَ إِذْ بَكَّتَّنِي لاَ ذُقْتُهُ.
98 - حَدَّثَنِي عَوْنُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو نُعَيْم عبيد الله بن هشام الحلبي, قال: قال بكر بن خنيس: مررت بمجذوم وهو يقول: وعزتك وجلالك لو قطعتني بالبلاء قطعا ما ازددت لك إلا حبا.
99 - حدثني محمد بن الحسين, قال: حَدَّثَنَا راشد, أبو سعيد, قال: حَدَّثَنَا عاصم الخلقاني, قال: قال الربيع بن عبد الرحمن: إن لله عبادا أخمصوا له البطون عن مطاعم الحرام، وعصوا له الجفون عن مناظر الأنام، وأهملوا له العيون لما اختلط عليهم الظلام، رجاء أن ينير لهم ذلك ظلمة قبورهم إذا ضمتهم الأرض بين أطباقها، فهم في الدنيا مكتئبون، وإلى الآخرة متطلعون، نفذت أبصار قلوبهم بالغيب إلى الملكوت, فرأت فيه ما رجت من عظيم ثواب الله، فازدادوا بذلك جدا واجتهادا عند معاينة أبصار قلوبهم ما انطوت عليه آمالهم، فهم الذين لا راحة لهم في الدنيا، وهم الذين تقر أعينهم غدا بطلعة ملك الموت عليهم, قال: ثم يبكي حتى يبل لحيته بالدموع.
100 - حَدَّثَنِي عَوْنُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قال: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ، قال: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّد, عَنْ أَحْمَدَ الْمَيْمُونِيِّ, مِنْ وَلَدِ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا أَحْمَدُ الْمَوْصِلِيُّ، فَأَتَيْتُهُ, فَقَالَ لِي: يَا أَحْمَدُ، إِنْ تَعْمَلْ فَقَدْ عَمِلَ الْعَامِلُونَ قَبْلَكَ، وَإِنْ تَعْبُدْ فَقَدَ تَعَبَّدَ المتعبدون قبلك, أُولَئِكَ الَّذِينَ قَرَّبُوا الآخِرَةَ, وَبَاعَدُوا الدُّنْيَا، أُولَئِكَ الَّذِينَ وَلِيَ اللهُ إِقَامَتَهُمْ عَلَى الطَّرِيقِ، فَلَمْ يَأْخُذُوا يَمِينًا وَلاَ شِمَالاً، فَلَوْ سَمِعْتَ نَغَمَةً مِنْ نَغَمَاتِهِمُ الْمُخْتَمِرَةِ فِي صُدُورِهِمُ، الْمُتَغَرْغِرَةِ فِي حُلُوقِهِمْ, لَغَثَثْتَ عَيْشَكَ، وَلَطَرَدَتْ عَنْكَ الْبُطْلاَنَ أَيَّامَ حَيَاتِكَ.

الصفحة 634