كتاب الأولياء لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل
101 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قال: حدثنا أَحْمَدُ بْنُ سَهْلٍ الأُرْدُنِّيُّ، قال: حدثنا عَبَّادٌ, أَبُو عُتْبَةَ الْخَوَّاصُ, قال: حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنَ الزُّهَّادِ, مِمَّنْ كَانَ يَسِيحُ فِي الْجِبَالِ، قَالَ: لَمْ يَكُنْ هَمُّهُ فِي شَيْءٍ مِنَ الدُّنْيَا وَلاَ لَذَّةٍ, إِلاَّ فِي لُقِيِّهِمْ، يَعْنِي الأَبْدَالَ, وَالزُّهَّادَ، قَالَ: فَأَتَى ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى سَاحِلٍ مِنْ سَوَاحِلِ الْبَحْرِ, لَيْسَ يَسْكُنُهُ النَّاسُ وَلاَ تَرْفَأُ إِلَيْهِ السُّفُنُ، إِذَا أَنَا بِرَجُلٍ قَدْ خَرَجَ مِنْ بَعْضِ تِلْكَ الْجِبَالِ، فَلَمَّا رَآنِي هَرَبَ وَجَعَلَ يَسْعَى، وَاتَّبَعْتُهُ أَسْعَى خَلْفَهُ، فَسَقَطَ عَلَى وَجْهِهِ، وَأَدْرَكْتُهُ، فَقُلْتَ: مِمَّنْ تَهْرَبُ رَحِمَكَ اللهُ؟ فَلَمْ يُكَلِّمْنِي، فَقُلْتُ: إِنِّي أُرِيدُ الْخَيْرَ، فَعَلِّمْنِي، قَالَ: عَلَيْكَ بِلُزُومِ الْحَقِّ حَيْثُ كُنْتَ، فَوَاللهِ مَا أَنَا بِحَامِدٍ لِنَفْسِي, فَأَدْعُوكَ إِلَى مِثْلِ عَمَلِهَا، ثُمَّ صَاحَ صَيْحَةً, فَسَقَطَ مَيِّتًا، فَمَكَثْتُ لاَ أَدْرِي كَيْفَ أَصْنَعُ بِهِ، قال: وَهَجَمَ اللَّيْلُ عَلَيْنَا، فَتَنَحَّيْتُ, فَنِمْتُ نَاحِيَةً عَنْهُ، فَأُرِيتُ فِي مَنَامِي أَرْبَعَةَ نَفَرٍ هَبَطُوا عَلَيْهِ مِنَ السَّمَاءِ, عَلَى خَيْلٍ لَهُمْ، فَحَفَرُوا لَهُ, ثُمَّ كَفَّنُوهُ وَصَلُّوا عَلَيْهِ، ثُمَّ دَفَنُوهُ، فَاسْتَيْقَظْتُ فَزِعًا لِلَّذِي رَأَيْتُ، فَذَهَبَ عَنِّي النَّوْمُ بَقِيَّةَ اللَّيْلِ، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ انْطَلَقْتُ إِلَى مَوْضِعِهِ, فَلَمْ أَرَهُ فِيهِ، فَلَمْ أَزَلْ أَطْلُبُ أَثَرَهُ وَأَنْظُرُ, حَتَّى رَأَيْتُ قَبْرًا جَدِيدًا، فَظَنَنْتُ أَنَّهُ الْقَبْرُ الَّذِي رَأَيْتُ فِي مَنَامِي.
الصفحة 635
655