كتاب الأولياء لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

106 - حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَكِيمُ بْنُ جَعْفَرٍ السَّعْدِيُّ، قال: حَدَّثَنِي أَبُو يُوسُفَ, عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي نُوحٍ, وَكَانَ مِنَ الْعَابِدِينَ, قَالَ: صَحِبْتُ شَيْخًا فِي بَعْضِ طَرِيقِ مَكَّةَ, فَأَعْجَبَتْنِي هَيْئَتُهُ, فَقُلْتُ: إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَصْحَبَكَ، قَالَ: أَنْتَ وَمَا أَحْبَبْتَ، قَالَ: فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّهَارِ، فَإِذَا أَمْسَى أَقَامَ فِي مَنْزِلٍ كَانَ أَمْ غَيْرِهِ، قَالَ: فَيَقُومُ اللَّيْلَ يُصَلِّي، وَكَانَ يَصُومُ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ، فَإِذَا أَمْسَى عَمَدَ إِلَى جُرَيْبٍ مَعَهُ, فَأَخْرَجَ مِنْهُ شَيْئًا, فَأَلْقَاهُ فِي فِيهِ مَرَّتَيْنِ, أَوْ ثَلاَثًا، وَكَانَ يَدْعُونِي, فَيَقُولُ: هَلُمَّ فَأَصِبْ مِنْ هَذَا، فَأَقُولُ فِي نَفْسِي: وَاللهِ مَا هَذَا بِمُجْزِيكَ أَنْتَ، فَكَيْفَ أَشْرُكُكَ فِيهِ؟ قَالَ: فَلَمْ يَزَلْ عَلَى ذَلِكَ، وَدَخَلَتْ لَهُ فِي قَلْبِي مَهَابَةٌ عِنْدَمَا رَأَيْتُ مِنَ اجْتِهَادِهِ وَصَبْرِهِ، قَالَ: فَبَيْنَا نَحْنُ فِي بَعْضِ الْمَنَازِلِ, إِذْ نَظَرَ إِلَى رَجُلٍ يَسُوقُ حِمَارًا، فَقَالَ لِي: انْطَلِقْ, فَاشْتَرِ ذَلِكَ الْحِمَارَ، قَالَ: فَمَنَعَنِي وَاللهِ هَيْبَتُهُ فِي صَدْرِي أَنْ أُرَادَّهُ، قَالَ: فَانْطَلَقْتُ إِلَى صَاحِبِ الْحِمَارِ، وَأَنَا أَقُولُ فِي نَفْسِي: وَاللهِ مَا مَعِي ثَمَنُهُ، وَلاَ أَعْلَمُ مَعَهُ ثَمَنَهُ، فَكَيْفَ أَشْتَرِيهِ؟ قَالَ: فَأَتَيْتُ صَاحِبَ الْحِمَارِ فَسَاوَمْتُهُ، فَأَبَى أَنْ يَنْقُصَهُ منْ ثَلاَثِينَ دِينَارًا، قَالَ: فَجِئْتُ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: قَدْ أَبَى أَنْ يَنْقُصَهِ منْ ثَلاَثِينَ دِينَارًا، قَالَ: خُذْهُ وَاسْتَخِرِ اللهَ، قُلْتُ: الثَّمَنُ، قَالَ: سَمِّ اللهَ, ثُمَّ أَدْخِلْ يَدَكَ فِي الْجِرَابِ, فَخُذِ الثَّمَنَ فَأَعْطِهِ، قَالَ: فَأَخَذْتُ الْجِرَابَ، ثُمَّ قُلْتُ: بِسْمِ اللهِ، وَأَدْخَلْتُ يَدِي فِيهِ, فَإِذَا صُرَّةٌ فِيهَا ثَلاَثُونَ دِينَارًا, لاَ تَزِيدُ وَلاَ تَنْقُصُ، قَالَ: فَدَفَعْتُهَا إِلَى الرَّجُلِ، وَأَخَذْتُ الْحِمَارَ وَجِئْتُ بِهِ، قَالَ: فَقَالَ لِيَ:

الصفحة 639