كتاب الأولياء لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

107 - حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ, عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ جَعْفَرٍ، قال: حَدَّثَنِي عبد الله بْنُ أَبِي نُوحٍ، قال: حَدَّثَنِي رَجُلٌ بِمَكَّةَ قَالَ: كَانَ رَجُلٌ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ, لاَ يَفْتُرُ بُكَاءً وَنَحِيبًا، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: إِنِّي لأَرَى أَنَّ عِنْدَكَ خَيْرًا، فَجَعَلْتُ أَرْصُدُهُ، قُلْتُ: يَخْرُجُ مِنَ الْمَسْجِدِ فَأَتْبَعُهُ، فَكَانَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ فِي نَحْوٍ مِنْ نِصْفِ اللَّيْلِ، قَالَ: فَخَرَجَ ذَاتَ لَيْلَةٍ, فَاتَّبَعْتُهُ، فَأَتَى الثَّنِيَّةَ, ثُمَّ جَازَهَا، حَتَّى خَرَجَ عَنِ الأَبْيَاتِ, وَأَصْحَرَ وَأَنَا خَلْفَهُ لاَ يَشْعُرُ بِمَكَانِي، قَالَ: فَاسْتَقْبَلَ بوجهه الْبَيْتَ، ثُمَّ قَالَ: إِلَهِي, وَخَالِقِي, وَسَيِّدِي، قَدْ سَئِمْتُ لِطُولِ النَّظَرِ إِلَى أَهْلِ مَعْصِيَتِكَ، فَإِنْ شِئْتَ أَنْ تَجْعَلَ لِي مِنْ ذَلِكَ فَرَجًا, فَعَجِّلْهُ سَرِيعًا يَا كَرِيمُ، ثُمَّ جَلَسَ فَاحْتَبَى بِكِسَاءٍ كَانَ عَلَيْهِ, ثُمَّ اسْتَقْبَلَ الْكَعْبَةَ، فَإِذَا رَجُلٌ قَدْ أَتَاهُ بِطَبَقٍ فِيهِ طَعَامٌ, وَدَلْوٍ مِنْ مَاءٍ، فَوَضَعَ الطَّبَقَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَجَعَلَ يَأْكُلُ مِنْهُ, ثُمَّ أَخَذَ الدَّلْوَ فَشَرِبَ مِنْهُ، قَالَ: وَلَمْ يَقْعُدِ الرَّجُلُ الَّذِي بِيَدِهِ الدَّلْوُ, وَلَمْ يَزَلْ قَائِمًا حَتَّى تَنَاوَلَ الدَّلْوَ مِنْهُ، فَانْطَلَقَ الرَّجُلُ فَتَبِعْتُهُ، قُلْتُ: أَسْأَلُهُ عَنْ هَذَا الرَّجُلِ وَحَالِهِ، قَالَ: فَكَأَنَّ الأَرْضَ انْشَقَّتْ فَدَخَلَ فِيهَا, فَلَمْ أَرَ لَهُ أَثَرًا، قَالَ: فَحَرَصْتُ بَعْدُ عَلَى أَنْ أَرَى الرَّجُلَ فِي الطَّوَافِ, فَلَمْ أَرَهُ.

الصفحة 642