كتاب الأولياء لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

108 - حَدَّثَنِي أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ, قَالَ: سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ صَخْرٍ يَقُولُ: رَأَيْتُ سَالِمًا الدَّوْرَقِيَّ بِمَكَّةَ, وَكَانَ مِنْ أَبْنَاءِ الْمُلُوكِ, فَرَأَيْتُ عَلَيْهِ قِيشَاشًا, وَقَدْ أَتَى الْمُلْتَزَمَ، وَهُوَ يَقُولُ: إِلَهِي، إِلَى كَمْ أَسْأَلُكَ وَأَطْلُبُ إِلَيْكَ أَنْ تُجِيرَنِي مِنْ نَفْسِي مَا أَرَى مِنْهَا.
109 - حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ جَنَابٍ (1)، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: قَالَ أَرْمِيَا عليه السلام: أَيْ رَبِّ، أَيُّ عِبَادِكَ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: أَكْثَرُهُمْ لِي ذِكْرًا، الَّذِينَ يَشْتَغِلُونَ بِذِكْرِي عَنْ ذِكْرِ الْخَلاَئِقِ، الَّذِينَ لاَ تَعْرِضُ لَهُمْ وَسَاوِسُ الْغِنَى، وَلاَ يُحَدِّثُونَ أَنْفُسَهُمْ بِالْبَقَاءِ، الَّذِينَ إِذَا عَرَضَ لَهُمْ عَيْشٌ مِنَ الدُّنْيَا قَلَوْهُ، وَإِذَا زُوِيَ عَنْهُمْ سُرُّوا بِذَلِكَ، أُولَئِكَ الذين أُنْحِلُهُمْ مَحَبَّتِي، وَأُعْطِيهِمْ فَوْقَ غَايَاتِهِمْ.
_حاشية__________
(1) في المطبوعتين: "خباب" محرفا, انظر ترجمته في تهذيب الكمال (1/ 283).
110 - حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، عَنْ زُهَيْرٍ أبي سَعِيدٍ الْمَوْصِلِيِّ، قَالَ: أُخْبِرْتُ أَنَّ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ عَلَيه السلام دَخَلَ ذات يوم خَرِبَةً, فَمَطَرَتِ السَّمَاءُ، فَنَظَرَ إِلَى ثَعْلَبٍ قَدْ أَقْبَلَ مُسْتَدْفِرًا بِذَنَبِهِ, حَتَّى دَخَلَ جُحْرَهُ، فَقَالَ: الْحَمْدَ لِلَّهُ الَّذِي جَعَلَ لِكُلُّ شَيْءٍ مَأْوًى، إِلاَّ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ لاَ مَأْوَى لَهُ، فَإِذَا هو بِصَوْتٍ: يَا ابْنَ آدَمَ، ادْخُلِ الْفَجَّ، فَدَخَلَ عِيسَى الْفَجَّ, فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ قَائِمٍ يُصَلِّي، فَأَقَامَ عِنْدَهُ سِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا يَنْتَظِرُهُ, لِيَنْفَتِلَ مِنْ صَلاَتِهِ فَيُكَلِّمَهُ، فَلَمَّا انْفَتَلَ, قَالَ لَهُ: يَا عَبْدَ اللهِ، مَا الَّذِي أَذْنَبْتَ؟ فَأَقْبَلَ الْعَابِدُ عَلَى الْبُكَاءِ, وَقَالَ: يَا رُوحَ اللهِ، أَذْنَبْتُ ذَنْبًا عَظِيمًا، قَالَ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: قُلْتُ يَوْمًا لِشَيْءٍ كَانَ يَا لَيْتَهُ لَمْ يَكُنْ.

الصفحة 643