كتاب التحبير لإيضاح معاني التيسير (اسم الجزء: 2)

لفظ اللبس، وأبدل الشرك بالكفر تتميماً لمراده، وأورده أنه لا يجتمع الإيمان والكفر، واللبس يقتضي الاختلاط والاجتماع، وقد أخطأ مذهبه فإن الفاسق غير مؤمن عنده فقد لزمه ما فرَّ منه وخاب السعي وما بعد التفسير النبوي وصحته، مجال.
6 - وَعَنْ عبد الله بْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ: أَتَى أُنَاسٌ إِلَى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالُوا: يَا رَسُولَ الله! إِنَّا نَأْكُلُ مَا نَقْتُلُ وَلاَ نَأْكُلُ مَا يَقْتُلُ الله تَعالَى، فَأَنْزَلَ الله تَعالَى: {فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ (118)} إِلَى قَوْلِهِ: {وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ (121)}. أخرجه أصحاب السنن (¬1) [صحيح]
7 - وفي رواية لأبي داود (¬2) في قوله تعالى: {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ} قَالَ: يَقُولُونَ: مَا ذَبَحَ الله - يعنون الميتة - لِمَ لَا تَأْكُلُونَهُ؟ فَأَنْزَلَ الله تَعَالَى: {وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ (121)} , ثم نزل: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ}. [صحيح]
¬__________
= قال ابن المنير في الانتصاف: وقد ورد أن الآية لما نزلت عظمت على الصحابة, وقالوا: أينا لم يظلم نفسه، فقال عليه الصلاة والسلام: "إنما هو الظلم في قول لقمان: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (13)} وإنما هو يروم بذلك تنزيله على معتقده في وجوب وعيد العصاة، وأنهم لا حظ لهم من الأمن كالكفار، ويجعل هذه الآية تقتضي تخصيص الأمر بالجامعين الأمرين: الإيمان والبراءة من المعاصي، ونحن نسلم ذلك، ولا يلزم أن يكون الخوف اللاحق للعصاة هو الخوف اللاحق للكفار، لأن العصاة من المؤمنين إنما يخافون العذاب المؤقت، وهم آمنون من الخلود، وأما الكفار فغير آمنين بوجه ما.
(¬1) أخرجه أبو داود رقم (2819) والترمذي في "السنن" رقم (3069) والنسائي رقم (4437) وابن ماجه رقم (3173) وهو حديث صحيح.
(¬2) في "السنن" رقم (2818) وهو حديث صحيح.

الصفحة 127