كتاب التحبير لإيضاح معاني التيسير (اسم الجزء: 2)

أطلبنا البحث وبينا وجه القولين في ذيل الأبحاث (¬1) المسددة - بحمد الله - فمن أراد ذلك راجعه.
وهذا الحديث إخبار من الله بأنه لا يدخل أحد من ولد آدم جنةً ولا ناراً إلا بعمله ولذا قال: "وبعمل أهل كذا يعملون" أي: باختيارهم وإخباره بأنهم من أهل كذا إخبار عما علمه من عملهم قبل إيجادهم، وأن هذا للعلم [78/ أ].
قوله في حديث عمر: "خلقت هؤلاء للجنة":
¬__________
= نعم قد يعرض للعبد من أقوال آبائه الضالين، ومذاهبهم الفاسدة، ما يظنه هو الحق، وما ذاك إلا لإعراضه عن حجج الله وبيناته وآياته الأفقية، والنفسية. فإعراضه ذلك وإقباله على ما قاله المبطلون ربما يصيره بحالة يفضل بها الباطل على الحق.
هذا هو الصواب في تفسير هذه الآيات.
وقد قيل: إن هذا يوم أخذ الله الميثاق على ذرية آدم حين استخرجهم من ظهره، وأشهدهم على أنفسهم، فشهدوا بذلك. فاحتج عليهم بما أمرهم به في ذلك الوقت، على ظلمهم في كفرهم، وعنادهم في الدنيا والآخرة.
ولكن ليس في الآية ما يدل على هذا، ولا له مناسبة، ولا تقتضيه حكمة الله تعالى. والواقع شاهد بذلك.
فإن هذا العهد والميثاق الذي ذكروا أنه حين أخرج الله ذرية آدم من ظهره حين كانوا في عالم كالذر، لا يذكره أحد ولا يخطر ببال آدمي. فكيف يحتج الله عليهم بأمر ليس عندهم به خبر، ولا له عين ولا أثر؟!!
ولهذا لما كان هذا أمراً واضحاً جلياً، قال تعالى: {وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ} أي: نبينها ونوضحها {وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (174)} إلى ما أودع الله في فطرهم، وإلى ما عاهدوا الله عليه فيرتدعوا عن القبائح.
(¬1) انظر "الأبحاث المسددة" (ص 101 - 102).

الصفحة 136