كتاب التحبير لإيضاح معاني التيسير (اسم الجزء: 2)

أقول: اللام فيها وفي قوله: "للنار" لام العاقبة مثلها في قوله تعالى: {فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا} (¬1)، ومثل قوله:
لدوا للموت وابنوا للخراب
ودليل هذا التأويل قوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56)} (¬2) مصرح بأن الحكمة في خلق الثقلين أن يعبدوه تعالى فمن عبده كان من أهل الجنة مئالاً، ومن لم يعبده كان من أهل النار مئالاً.
فهو إذا علم أن العبد مئاله [إلى] (¬3) الجنة رزقه الإقبال بقلبه على عمل أهل الجنة، وهي طاعة الله فعمل مختاراً.
وإذا علم أن مئاله إلى النار خذله، فعمل بعمل أهل النار، فآل حاله إليها.
وإلا فإنه يدعو الفريقين إلى عبادته ويرسل إليهم رسله، وقد سبق علمه بالشقي منهم والتقي، لكن سَبْقُ علمه لا ينافي اختيار العبد، وسبق علمه بذلك كسبق علمه بما يخلقه هو تعالى ويوجده وهو مختار فيما يخلقه ويوجده.
قوله: "أخرجه الأربعة إلا النسائي":
قلت: قال (¬4) الترمذي: هذا حديث حسن، ومسلم بن يسار لم يسمع من عمر.
قال: وقد ذكره بعضهم بين مسلم بن يسار و [بين] (¬5) عمر رجلاً مبهماً. انتهى.
¬__________
(¬1) سورة القصص الآية: (8).
(¬2) سورة الذاريات الآية: (56).
(¬3) زيادة من (أ).
(¬4) في "السنن" رقم (5/ 266).
(¬5) زيادة من (أ).

الصفحة 137