كتاب التحبير لإيضاح معاني التيسير (اسم الجزء: 2)

مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} (¬1)، {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ [308/ ب] وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ} (¬2).
وهذه هي فطرة [الله] (¬3) التي فطر الناس عليها، "وكل مولود يولد على الفطرة" (¬4) وهي الإقرار بالربوبية لله، وذهب الزمخشري (¬5) ومن تبعه كالبيضاوي (¬6) وأبي السعود (¬7) [إلى] (¬8) أن الآية مجاز.
قال جار الله (¬9): وإشهادهم على أنفسهم وقوله: {قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا} من باب التمثيل والتخييل، ومعنى ذلك: أنه نصب لهم الأدلة على ربوبيته ووحدانيته، وشهدت بها عقولهم وبصائرهم التي ركبها فيهم، وجعلها مميزة بين الضلالة والهدى فكأنه أشهدهم على أنفسهم وقررهم وقال لهم: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} أنت ربنا: "شهدنا على أنفسنا" وأقررنا بوحدانيتك، وباب التمثيل واسع في كلام الله ورسوله، وفي كلام العرب إلى آخر كلامه.
¬__________
(¬1) سورة العنكبوت الآية: (63).
(¬2) سورة يونس الآية: (31).
(¬3) سقط من (ب).
(¬4) أخرجه "البخاري" رقم (1359) و (1385) و (4775) ومسلم رقم (2658) وأحمد (2/ 393) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - وهو حديث صحيح.
(¬5) في "الكشاف" (2/ 529).
(¬6) في "تفسيره" (1/ 581).
(¬7) في "تفسيره" (3/ 267).
(¬8) زيادة من (أ).
(¬9) في "الكشاف" (2/ 529).

الصفحة 141