كتاب التحبير لإيضاح معاني التيسير (اسم الجزء: 2)

والذي ألجأ أئمة التفسير إلى ارتكاب المجاز (¬1): أن هذا عهد لا يذكره بنو آدم، وتقدم الجواب عنه.
قالوا: ولأنه لا يؤخذ العهد إلا على من كلف، وأدرك ما يقال له.
وجوابه: لا مانع أنه تعالى كمل عقولهم، وعرفوا ما يقال لهم، والإيمان بالله وحكمته لا تأبى ذلك، وفي المسألة مباحث طويلة.
قوله: "وبيصاً": [أقول] (¬2) بفتح الواو فموحدة فمثناة تحتية فصاد مهملة بريقاً ولمعاناً.
قوله: "فجحد آدم":
أقول: الجحد: إنكار الجاحد ما هو عالم به، ولا لوم على آدم - عليه السلام - في ذلك، فقد ثبت في الحديث القدسي: "إن العبد يكره الموت وأن الله يكره مساءة عبده المؤمن" (¬3) فلم يجعل تعالى كراهة الموت ذنباً، فإنه كراهة جبلية طبيعية بشرية، ولا ينافيه حديث: "من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه" (¬4) فإنه ليس فيه إلا الإخبار بأن [309/ ب] محبة لقاء الله سبباً لمحبة الله لقاءه، والكاره للموت كاره لكربه وشدائده لا للقاء الله.
¬__________
(¬1) تقدم رده.
(¬2) زيادة من (أ).
(¬3) أخرجه "البخاري" في "صحيحه" رقم (6502) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(¬4) أخرجه "البخاري" رقم (6508) ومسلم رقم (2686) من حديث أبي موسى الأشعري.
وأخرجه أحمد في "المسند" (3/ 107) من حديث أنس - رضي الله عنه -.
وأخرجه أحمد في "المسند" (5/ 316) من حديث عبادة بن الصامت.
وأخرجه أحمد في "المسند" (6/ 44) من حديث عائشة - رضي الله عنها -.

الصفحة 142