كتاب التحبير لإيضاح معاني التيسير (اسم الجزء: 2)

قوله: "فجحد بنو آدم":
أقول: فيه أن طباع الآباء يرثها في الغالب الأبناء في الطباع والأخلاق، ولذا قال بنو إسرائيل لمريم: {مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (28)} (¬1) فأنكروا أن تأتي بخلاف ما كان عليه قراباها، وفي عكسه قال إخوة يوسف: {إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ} (¬2)، فلا يستنكر إن أتى منه ما أتى من أخيه شقيقه، ولذا قيل:
يَنْشَو الصَّغيرُ على ما كان والده ... إنَّ [العروق] (¬3) عليها تَنْبتُ الشَّجرُ
ثم لا أدري هل أعطي آدم الأربعين بعد الجحد أم أقام الله عليه بينة هبته، وكانت [] (¬4) فمن وجد أحد الأمرين ألحقه.
قوله: "ونسي آدم":
أقول: إشارة إلى قوله تعالى: {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ} ولا لوم عليه في النسيان لأنه جبلي لا يخلو عنه البشر إنما يؤمر العبد بالاحتراز عن أسبابه، والغفلة عن التحفظ عنها، فنسيت ذريته، أي: كان من طبائعها النسيان، وظاهره أن الجحد والنسيان لولا صدورهما عن أبي البشر لما اتفق ذلك لأولاده كما فسرته آنفاً.
¬__________
(¬1) سورة مريم الآية: (27).
(¬2) سورة يوسف الآية: (77).
(¬3) كذا في المخطوط، والذي في "جمهرة الأمثال" (2/ 380) الأصول.
(¬4) كلمة غير مقروءة.

الصفحة 143