كتاب التحبير لإيضاح معاني التيسير (اسم الجزء: 2)

أقول: روي عن جعفر الصادق (¬1) أنه قال: "ما في القرآن آية أجمع لمكارم الأخلاق منها". ووجهوه بأن الأخلاق ثلاثة بحسب القوى الإنسانية عقلية وشهوية وعصبية، فللعقل الحكمة، ومنها: الأمر بالمعروف، وللشهوة العفة، ومنها: {خُذِ الْعَفْوَ}، وللعصبية الشجاعة، ومنها: الإعراض عن الجاهلين، يريدون أن دواء كل واحدة من هذه هو ما ذكر.
وأخرج الطبري (¬2) مرسلاً، وابن مردويه (¬3) موصولاً من حديث جابر وغيره: لما نزلت: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ} سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جبريل فقال: "لا علم لي حتى أسأله، ثم رجع، فقال: إن ربك يأمرك أن تصل من قطعك، وتعطي من حرمك، وتعفو عمن ظلمك".
قلت: وأحسن من قال ملماً بالآية:
خذ العفو وأمر بعرف ولا ... تجادل وأعرض عن الجاهلين
ولن في الكلام لكل الأنام ... فمستحسن من ذوي الجاهلين

(سورة الأنفال)
في "النهاية" (¬4) النفل: بالتحريك الغنيمة، وجمعه: أنفال، والنفل: بالسكون وقد يحرك: الزيادة.
أقول: الأنفال لغة: العطايا من القسمة غير السهم المستحق بالقسمة، واحدها نفل بفتحتين على الأشهر، والتنفيل يكون لمن صنع جميلاً في الحرب.
¬__________
(¬1) ذكره البغوي في "معالم السنن" (3/ 316) والقرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" (7/ 344).
(¬2) في "جامع البيان" (10/ 643 - 644).
(¬3) عزاه إليه السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 628).
(¬4) "النهاية في غريب الحديث" (2/ 781).

الصفحة 148