كتاب التحبير لإيضاح معاني التيسير (اسم الجزء: 2)

11 - وَعَنِ الْبَرَاءِ بْن عَازِبٍ - رضي الله عنهما - قال: "أَوَّلَ مَا قَدِمَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - الْمَدِينَةَ نَزَلَ عَلَى أَجْدَادِهِ أَوْ قَالَ: أَخْوَالِهِ مِنَ الأَنْصَارِ، وأَنَّهُ صَلَّى قِبَلَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا، أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا، وَكَانَ يُعْجِبُهُ أَنْ تَكُونَ قِبْلَتُهُ قِبَلَ الْبَيْتِ، وَأَنَّهُ صَلَّى أَوَّلَ صَلاَةٍ صَلاَّهَا صَلاَةَ الْعَصْرِ، وَصَلَّى مَعَهُ قَوْمٌ، فَخَرَجَ رَجُلٌ مِمَّنْ صَلَّى مَعَهُ فَمَرَّ عَلَى أَهْلِ مَسْجِدٍ وَهُمْ رَاكِعُونَ فَقَالَ: أَشْهَدُ بِالله لَقَدْ صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - قِبَلَ الْكَعْبَةِ, فَدَارُوا كَمَا هُمْ قِبَلَ الْبَيْتِ، وَكَانَتِ الْيَهُودُ قَدْ أَعْجَبَهُمْ إِذْ كَانَ يُصَلِّي قِبَلَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَلَمَّا وَلَّى وَجْهَهُ قِبَلَ الْبَيْتِ أنكَرُوا ذَلِكَ. فَنَزَلَتْ: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ} فَقَالَ السُّفَهاءُ وَهُمُ الْيَهُودُ: {مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (142)}. أخرجه الخمسة (¬1) إلا أبا داود. [صحيح]
قوله في حديث البراء: "صلاة العصر"، وفي الرواية الأخرى: "صلاة الصبح"، قال الحافظ ابن حجر (¬2): اختلفت الرواية في الصلاة التي تحولت القبلة عندها، وكذا في المسجد، فظاهر حديث البراء أنها الظهر، قال: والجواب أنه لا منافاة بين الخبرين؛ لأن الخبر وصل وقت العصر إلى من هو داخل المدينة وهم بنو حارثة, وذلك كما في حديث البراء، والآتي إليهم بذلك عباد بن بشر وابن نهيك، ووصل الخبر وقت الصبح إلى من هو خارج المدينة، وهم بنو عمرو بن عوف، أهل قتادة هذا.
¬__________
(¬1) أخرجه البخاري رقم (40، 399، 4486، 4492) ومسلم رقم (525) والترمذي رقم (2962) وابن ماجه رقم (1010).
(¬2) في "فتح الباري" (1/ 503).

الصفحة 15