كتاب التحبير لإيضاح معاني التيسير (اسم الجزء: 2)

والسدي (¬1) ولا ينافي ذلك ما في الصحيح لاحتمال أن يكونا قالاه، لكن نسبته إلى أبي جهل أولى، وعن قتادة (¬2) قال: قال ذلك سفهةُ هذه الأمة وجهلتها.
قوله: "وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم":
أقول: لما طلبوا العذاب بإنزال الحجارة، أو إتيان العذاب الأليم أجاب الله عنهم: بأنه لا يفعل ذلك ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيهم إكراماً له ودفعاً لوجوده بين أظهرهم أن يصابوا بالعذاب، ولذا قيل:
لعين تغذي ألف عين وتفتدي ... ويكرم ألف للحبيب المكرم
[316/ ب] وجرت حكمته تعالى إذا أراد إنزال العذاب بمن كذبت رسله أن يخرج (¬3) الرسل من بينهم كما قال في نوح: {فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ} وفي لوط: {فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ} (¬4)، وغير ذلك مما قصه في أخبار رسله.
قوله: " {وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (33)} ":
[روى ابن جرير (¬5) من طريق زيد بن رومان أنهم لما قالوا ذلك ثم أمسوا ندموا فقال: غفرانك اللهم! فأنزل الله: {وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (33)}] (¬6).
أقول: اختلف في المراد بالمستغفرين:
¬__________
(¬1) أخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (11/ 145) وابن أبي حاتم في "تفسيره" (5/ 1690).
(¬2) أخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (11/ 145).
(¬3) انظر "جامع البيان" (11/ 157 - 158).
(¬4) سورة الأعراف الآية: (83).
(¬5) في "جامع البيان" (11/ 151).
(¬6) زيادة من (أ).

الصفحة 155